كتاب الأمنية في إدراك النية

يتَّجه الأشكال كَيفَ يُقَال يرْتَفع الشَّيْء بعد وُقُوعه أَو يَقع ويرتفض وَرفع الْوَاقِع محَال عقلا فَمن نوى كَيفَ يُمكن أَن يكون مَا نوى فِي الزَّمَان الْمَاضِي بعد أَن وَقعت فِيهِ النِّيَّة وَجَمِيع مَا يَقع فِي الأزمنه الْمَاضِيَة كَيفَ يتَصَوَّر ارتفاعه عَنْهَا
فَإِن قلت هَذَا من حَيْثُ الْعقل وَأما فِي الشَّرْع فللشرع ان يحكم بِمَا يُريدهُ
قلت الْقَاعِدَة الْمَعْلُومَة أَن الشَّرْع لَا يرد بِخِلَاف الْعقل بل جَمِيع واردات الشَّرَائِع يجب انحصارها فِيمَا يجوزه الْعقل وجودا وعدما فَيرد الشَّرْع بترجيح أحد طَرفَيْهِ وجوده أَو عَدمه أَو يسوى بَينهمَا وَهُوَ الْإِبَاحَة
وللرفض فِي النِّيَّة بعد وُقُوعهَا نَظَائِر فِي الأشكال من جِهَة رفع الشَّيْء بعد وُقُوعه
1 - أَحدهَا قَول الْفُقَهَاء اخْتلف فِي الرَّد بِالْعَيْبِ هَل هُوَ فسخ للْعقد من حِينه أَو من أَصله فَأَما من حِينه فَهُوَ تيسير وَأما قَوْلهم من أَصله فَهُوَ رفع للْوَاقِع فِي الزَّمَان الْمَاضِي وَهُوَ محَال
فَإِن قلت الْمُرْتَفع الْأَحْكَام المترتبة على لفظ العقد لَا على نفس العقد قلت الْأَحْكَام وَاقعَة فِي الزَّمَان الْمَاضِي قبل الرَّد بِالْعَيْبِ فَإِن كَانَ رفع الْوَاقِع محالا فَرَفعهَا محَال وَإِن لم يكن محالا فَلَا فرق بَينهمَا وَهُوَ الْجَواب
2 - وَثَانِيها قَول الْفُقَهَاء إِن قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار آخر الشَّهْر فَأَنت طَالِق من أَوله
قَالَ جمَاعَة من الْفُقَهَاء الْمَالِكِيَّة وَغَيرهم إِنَّهَا إِن دخلت آخر الشَّهْر وَقع الطَّلَاق من أَوله مَعَ أَن الْعِصْمَة كَانَت واقعه من أَوله الى آخِره إِجْمَاعًا وَالْوَاقِع بِالْإِجْمَاع إِذا تحقق فِي الزَّمَان الْمَاضِي قبل الدُّخُول كَيفَ يرْتَفع بعد الدُّخُول

الصفحة 49