كتاب الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف للدهلوي

الْحَائِط وَقَالَ يَوْمًا للمزني يَا أَبَا إِبْرَاهِيم لَا تقلدني فِي كل مَا أَقُول وَانْظُر فِي ذَلِك لنَفسك فانه دين وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ يَقُول لَا حجَّة فِي قَول أحد دون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وان كَثُرُوا وَلَا فِي قِيَاس وَلَا فِي شَيْء وَمَا ثمَّ الا طَاعَة الله وَرَسُوله بِالتَّسْلِيمِ
وَكَانَ الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ يَقُول لَيْسَ لأحد مَعَ الله وَرَسُوله كَلَام وَقَالَ أَيْضا لرجل لَا تقلدني وَلَا تقلدن مَالِكًا وَلَا الْأَوْزَاعِيّ وَلَا النَّخعِيّ وَلَا غَيرهم وَخذ الْأَحْكَام من حَيْثُ أخذُوا من الْكتاب وَالسّنة لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يُفْتِي الا أَن يعرف أقاويل الْعلمَاء فِي الْفَتَاوَى الشَّرْعِيَّة وَيعرف مَذْهَبهم فان سُئِلَ عَن مَسْأَلَة يعلم أَن الْعلمَاء الَّذين يتَّخذ مَذْهَبهم قد اتَّفقُوا عَلَيْهَا فَلَا بَأْس بِأَن يَقُول هَذَا جَائِز وَهَذَا لَا يجوز وَيكون قَوْله على سَبِيل الْحِكَايَة وان كَانَت مَسْأَلَة قد اخْتلفُوا فِيهَا فَلَا بَأْس بِأَن يَقُول هَذَا جَائِز فِي قَول فلَان وَفِي قَول فلَان لَا يجوز وَلَيْسَ لَهُ أَن يخْتَار فيجيب بقول بَعضهم مَا لم يعرف حجَّته
وَعَن أبي يُوسُف وَزفر وَغَيرهمَا رَحِمهم الله أَنهم قَالُوا لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا مَا لم يعلم من أَيْن قُلْنَا
قيل لعصام بن يُوسُف رَحمَه الله إِنَّك تكْثر الْخلاف لأبي حنيفَة رَحمَه الله قَالَ لِأَن أَبَا حنيفَة رَحمَه الله أُوتِيَ من الْفَهم لما لم نُؤْت فَأدْرك بفهمه مَا لم ندرك وَلَا يسعنا أَن نفتي بقوله مَا لم نفهم

الصفحة 105