كتاب النبذة الكافية

تَعَالَى علينا قطّ اتِّبَاع سَبِيل بعض الْمُؤمنِينَ وَلَا طَاعَة بعض أولى الْأَمر وَأما الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم فانهم فِي عصرهم كَانُوا جَمِيع أولى الْأَمر اذ لم يتكن مَعَهم أحد غَيرهم فصح أَن اجماعهم هُوَ اجماع جَمِيع الْمُؤمنِينَ بِيَقِين لَا شكّ فِيهِ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَبَطل ذَلِك القَوْل جملَة اذ لَا يحل لأحد أَن يُوجب فِي الدّين مَا لم يُوجِبهُ الله تَعَالَى على لِسَان نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَيْضًا فَأَنَّهُ لَا يجوز لأحد الْقطع على صِحَة اجماع اهل عصر مَا بعد الصابة رضى الله عَنْهُم على مَا لم يجمع عَلَيْهِ الصَّحَابَة بل يكون من قطع بذلك كَاذِبًا بِلَا شكّ لِأَن الْأَعْصَار بعد الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم من التَّابِعين فَمن بعدهمْ لَا يُمكن ضبط أَقْوَال جَمِيعهم وَلَا حصرها أَنهم ملاوا الدُّنْيَا وَللَّه الْحَمد من أقْصَى السَّنَد وخراسان وأرمينية وأذربيجان والجزيرة وَالشَّام ومصر وافريقية والأندلس وبلاد البربر واليمن وجزيرة الْعَرَب وَالْعراق والأهواز وَفَارِس وكرمان ومكران وسجستان وأردبيل وَمَا بَين هَذِه الْبِلَاد
وَمن الْمُمْتَنع أَن يُحِيط أحد بقول كل انسان فِي هَذِه الْبِلَاد وانما يَصح الْقطع على اجماعهم على مَا أجمع عَلَيْهِ الصَّحَابَة ببرهان أوضح وَهُوَ أَن الْيَقِين قد صَحَّ على أَن كل من وَافق من كل هَؤُلَاءِ اجماع الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم فَهُوَ مُؤمن وَمن خَالفه جَاهِلا باجماعهم فَهُوَ كَافِر فقد سقط بذلك عَن أَن يكون من جملَة الْمُؤمنِينَ الَّذين اجماعهم اجماع وَلَيْسَ هَذَا الحكم جَارِيا على من خَالف أهل عصر هُوَ مِنْهُم وانما صَحَّ الْقطع على اجماع الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم لأَنهم كَانُوا عددا محصورا مُجْتَمعين فِي الْمَدِينَة وَمَكَّة مَقْطُوعًا على أَنهم مطيعون لرَسُول

الصفحة 23