كتاب الجرح والتعديل للقاسمي
عن سلام قال: بلغ أيوب أني آتي عَمْرًا (¬1)، فأقبل عَلَيَّ يَوْمًا فقال: أرأيت رجلاً لا تأمنه على دينه، فكيف تأمنه على الحديث. فدل ذلك على أن من ائتمنه الشيخان على الحديث، فقد ائتمنوه على الدين، ومن ائتمن على الدين فليس فاسقًا ولا مبتدعًا.
(ثم قال الإمام مسلم): «وَإِنَّمَا أَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمُ - يَعْنِي العُلَمَاءُ - الْكَشْفَ عَنْ مَعَايِبِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ، وَنَاقِلِي الأَخْبَارِ، وَأَفْتَوْا بِذَلِكَ حِينَ سُئِلُوا لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْخَطَرِ، إِذِ الأَخْبَارُ فِي أَمْرِ الدِّينِ إِنَّمَا تَأْتِي بِتَحْلِيلٍ، أَوْ تَحْرِيمٍ، أَوْ أَمْرٍ، أَوْ نَهْيٍ، أَوْ تَرْغِيبٍ، أَوْ تَرْهِيبٍ، فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي لَهَا لَيْسَ بِمَعْدِنٍ لِلصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، ثُمَّ أَقْدَمَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ مَنْ قَدْ عَرَفَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فِيهِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ جَهِلَ مَعْرِفَتَهُ كَانَ آثِمًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ، غَاشًّا لِعَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ، إِذْ لاَ يُؤْمَنُ عَلَى بَعْضِ مَنْ سَمِعَ تِلْكَ الأَخْبَارَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا، أَوْ يَسْتَعْمِلَ بَعْضَهَا، وَلَعَلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا أَكَاذِيبُ لاَ أَصْلَ لَهَا، مَعَ أَنَّ الأََخْبَارَ الصِّحَاحَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَأَهْلِ الْقَنَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى نَقْلِ مَنْ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلَا مَقْنَعٍ». اهـ.
فهل بعد هذا يجوز غمز بعض من روى لهم الشيخان من
¬__________
(¬1) هو عمرو بن عبيد المتقدم وكلام أيوب فيه من كلام المعاصرين بعضهم في بعض وهو مطروح كما نَبَّهَ عليه ابن عبد البر في كتاب " جامع بيان العلم ".
الصفحة 21
52