كتاب الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال

أتعني بالجسم المركب الذي كان مفترقًا فاجتمع؟ أو ما ركبه مركب فجمع أجزاءه؟ أو ما أمكن تفريقه وتبعيضه وانفصال بعضه عن بعض ونحو ذلك؟ أم تعني به ما هو مركب من الجواهر الفردة، أو من المادة والصورة؟ أو تعني به ما يمكن الإشارة إليه؟ أو ما كان قائمًا بنفسه؟ أو ما هو موجود؟
فإن عنيت الأول، لم نسلم أن هذه الصفات التي سميتها أعراضًا لا تقوم إلا بجسم بهذا التفسير، وإن عنيت به الثاني، لم نسلم امتناع التلازم، فإن الرب تعالى موجود قائم بنفسه، مشار إليه عندنا، فلا نسلم انتفاء التلازم على هذا التقدير.
وقول القائل: المركب ممكن، إن أراد بالمركب: المعاني المتقدمة؛ مثل كونه كان مفترقًا فاجتمع، أو ركبه مركب أو يقبل الانفصال، فلا نسلم المقدمة الأولى التلازمية، وإن عنى به ما يشار إليه أو ما يكون قائمًا بنفسه موصوفًا بالصفات، فلا نسلم انتفاء الثانية، فالقول بالأعراض مركب من مقدمتين؛ تلازمية، واستثنائية بألفاظ مجملة، فإذا استفصل عن المراد حصل المنع والإبطال لأحدهما أو لكليهما، وإذا بطلت إحدى المقدمتين على كل تقدير، بطلت الحجة.

الصفحة 29