كتاب الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال

قدر ذلك الآن ماضيا أو مستقبلا، فضلا عن أن يكون أزليا، وما يستلزم الحوادث المتعاقبة يمتنع وجود في آن واحد فضلا عن أن يكون أزليا، فليس هذا ممكن الوجود فضلا عن أن يكون كمالا، لكن فعل الحوادث شيئا بعد شيء أكمل من التعطيل عن فعلها بحيث لايحدث شيئا بعد أن لم يكن، فإن الفاعل القادر علي الفعل أكمل من الفاعل العاجز عن الفعل.
فإذا قيل لايمكنه إحداث الحوادث، بل مفعوله لازم لذاته، كان هذا نقصا بالنسبة إلى القادر الذي يفعل شيئا بعد شيء.
وكذلك إذا فيل: جعل الشيء الواحد متحركا ساكنا موجودا معدوما صفة كمال قيل: هذا ممتنع لذاته.
وكذلك إذا قيل: إبداع قديم واجب بنفسه صفة كمال، قيل: هذا ممتنع لنفسه، فإن كونه مبدعا يقتضى أن لايكون واجبا بنفسه بل واجبا بغيره.
فإذا قيل: هو واجب موجود بنفسه وهو لم يوجد إلا بغيره، كان هذا جمعا بين النقيضين.
وكذلك إذا قيل: الأفعال القائمة والمفعولات المنفصلة عنه إذا كان اتصافه بها صفة كمال، فقد فاتته في الأزل، وإن كان صفة نقص فقد لزم اتصافه بالنقائص.
قيل: الأفعال المنفعلة بمشيئة وقدرته أن يكون كل منها أزليا.

الصفحة 32