كتاب الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال

فنفي مماثلة هؤلاء مع اتفاقهم في الإنسانية، فكيف يقال: إن لغة العرب توجب أن كل ما يشار إليه مثل كل ما يشار إليه.
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} [الفجر: 6 8] فأخبر أنه لم يخلق مثلها في البلاد، وكلاهما بلد؛ فكيف يقال: إن كل جسم فهو مثل لكل جسم في لغة العرب، حتى يحمل علي ذلك قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .
وقد قال الشاعر:
ليس كمثل الفتى زهير
وقال:
ما إن كمثلهم في الناس من بشر
ولم يقصد هذا أن ينفي وجود جسم من الأجسام.
وكذلك لفظ [التشابه] ليس هو التماثل في اللغة، قال تعالى: {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} [البقرة: 25] ، وقال تعالى: {مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [الأنعام: 99] ، ولم يرد به شيئًا هو مماثل في اللغة، وليس المراد هنا كون الجواهر متماثلة في العقل أو ليست متماثلة؛ فإن هذا مبسوط في موضعه، بل المراد أن أهل اللغة التي بها نزل القرآن لا يجعلون مجرد هذا موجبًا لإطلاق اسم المثل، ولا يجعلون نفي المثل نفيًا لهذا، فحمل القرآن على ذلك كذب على القرآن.

الصفحة 47