كتاب الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال

فصل
وأما قول القائل: الرحمة: ضعف وخَوَر في الطبيعة، وتألم على المرحوم، فهذا باطل. أما أولا: فلأن الضعف والخَوَر مذموم من الآدميين، والرحمة ممدوحة؛ وقد قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: 17] ، وقد نهى الله عباده عن الوهن والحزن؛ فقال تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] ، ونَدَبَهُم إلى الرحمة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " لا تُنْزَعُ الرحمة إلا من شَقِيِّ "، وقال: " من لا يَرْحَمْ لا يُرحَمْ "،وقال: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".
ومحال أن يقول: لا ينزع الضعف والخور إلا من شقي، ولكن لما كانت الرحمة تقارن في حق كثير من الناس الضعف والخور كما في رحمة النساء ونحو ذلك ظن الغالط أنها كذلك مطلقًا.
وأيضاً، فلو قدر أنها في حق المخلوقين مستلزمة لذلك، لم يجب أنتكون في حق الله تعالى مستلزمة لذلك،

الصفحة 51