كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 21)
على أقرائها حديثًا رواه بعض أهل المدينة، فيه ضعف يرفعونه: أنه أمرها أن تستطهر بعد أقرائها بثلاث، ثم هي مستحاضة.
وخالف بعض أهل المدينة مالكًا في ذلك، وقال: إذا مضت عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضها من الشهر فهي مستحاضة حينئذ، وليس لها أن تستطهر بعد أقرائها بأيام.
وهذا القول أصح، وأشبه حينئذ بالسنة الماضية المعروفة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث قال للمستحاضة: "اجلسي عدة الليالي والأيام التي كانت تحيض". وليس في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استطهار، ولا تنقض السنة المعروفة بمثلها.
وإنما صح الاستطهار بيوم أو بيومين بعد أقرائها: عن ابن عباس، والحسن، وعطاء، ونظرائهم. فمن قال كذلك لم يعنف، والمعروف ما وصفنا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ترك الاستطهار.
وأجمع مالك وأهل المدينة: على أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا وأقل. فذلك عندهم حيض، كان لها أقراء معلومة أو لم يكن. وقالوا: هذِه امرأة زاد حيضها على وقتها، فبلغت أقصى ما تحيض النساء ثم انقطع. وقالوا: لا نرى أقصى الحيض إلا خمسة عشر يومًا.
وقال مالك: لو رأت المرأة دفعة حيضًا أو يومًا ثم رأت الطهر يومًا فدامت على ذلك أشهرًا، لكان ذلك حيضًا وطُهرًا؛ ويحتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لفاطمة: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فصلي".
فإقبال الدم عنده المعاينة، وإدباره الطهر.
فإذا كان وقت المرأة معلومًا لا يزيد عليه في الشهر حيضًا مُعتدلًا، فرأت زيادة مرة على أقصى أيام أقرائها: فإن كان الدم الذي رأته عبيطًا أو صفرة أو كدرة أو دمًا سائلًا مستمرًا بها فهي مستحاضة؛ لما وقت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أيام الأقراء لمن تعرف الأقراء، وقد سألته المرأة: إني استحضت، فبين لي الأقراء.
ففي سؤالها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: بيان أن أيام حيضها زادت على أقرائها من قبل، فلم يؤقّت لها وقتًا ولم يأمرها أن تجلس أكثر من أيام أقرائها.
الصفحة 63
520