كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 21)
الأخرى إذا أقبلت الحيضة "فدعي الصلاة وإذا أدبرت فصلي" وأمر حمنة بنت جحش حيث أكثرت عليه من تخليط حيضها قالت: إنما أثج ثجًا. فأمرها حينئذ بالتحري. فقال: "تحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم اللَّه، ثم صلي ثلاثًا وعشرين ليلة أو أربعًا وعشرين ليلة وأيامها" فجعل وقتها عند اختلاط حيضها في كل شهر حيضًا وطهرًا ذلك على معنى الأقراء أنه جعل بدل كل شهر حيضة في العدة وهكذا الغالب من حيض النساء، مع أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كفى النساء مؤنة العدد فقال: "ستة أيام أو سبعة أيام كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن".
قال حرب: قال أبو يعقوب: فحكم الاستحاضة: ما سن فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للنسوة اللاتي استحضن فسألنه، فأمر كل واحدة منهن على حالها بحكم مختلف، وردّ كل واحدة منهن إلى طباعها، ولم يجعل حكم كل امرأة استحيضت حكم نساء الدنيا. فقال لبعضهن: أيام أقرائها، إذا علمت ذلك عشرًا أو خمسة عشر أو أقل أو أكثر، إذا كان ذلك أقراء معروفة في الشهر. وقال للأخرى: "إذا اقبلت الحيضة فدعي الصلاة" وقال للثالثة التي اختلط عليها حيضها من استحاضتها حيضًا وطهرًا في الشهر. وهو ما وصفنا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة بنت جحش في صدر باب: الحيض، فلا تكاد المرأة تعدو في دمها ما وصفنا، فمن يفهم ما وصفنا من هذِه الأصول الصحيحة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومنازل الحيض عرف حكم ما يطهر من النساء من الدم، وقد بينا حكم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الوجوه التي ذكرنا، ولا يخرج الدم من هذِه المعاني أبدًا؟ لأنه لو كان خارجًا من ذلك لبين لهن، وهي مسائل قد ابتلي بها هؤلاء النسوة، فسألن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فحكم لهن بما وصفنا من غير وقت ولا عدد، ولو كان يجوز فيه الوقت والعدد لكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أولى البشر بذلك؛ لأن وقت العدد على النساء أخف مما كلفهن من الإقبال والإدبار، وتحري دم الحيض من دم الاستحاضة، وبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ميسرًا ومبينًا، فأما ما قال هؤلاء في الحيض والاستحاضة، وتوقيتهم العشر للنساء كلهن على طبيعة واحدة، فهو خلاف قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخلاف طبائع النساء، وذلك أنه موجود عندهم الاختلاف في طبائعهن بحيض النساء خمسًا أو ستًا أو سبعًا أو ثمانيًا في الشهور
الصفحة 69
520