كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 21)
الأوزاعي، ومالك بن أنس قالا: كانت عندنا امرأة تحيض يومًا واحدًا حيضًا معتدلًا.
قال حرب: أخبرني بذلك سفيان بن عبد الملك، عن ابن المبارك، عنهما. وقال ابن المبارك: وأستطيع أن أرد أمر امرأة حيضها أكثر من عشرة أيام معروف أقراؤها، كذلك، لا يختلف عليها إلا كما يختلف من أقراؤها دون العشرة، أن أرد أمرها إلى العشرة فأجعل ما بعد ذلك استحاضة، وامرأة حيضها أقراء معروفة أن أقول: لم يحضر قط، فإذا كان أقراء المرأة معروفة، فأقراؤها ما كانت. قال ابن المبارك: وأوثق في نفسي عندي أن البكر أول ما ترى الدم أن تجلس ثلاثًا، وصدق ابن المبارك.
قال حرب: قال أبو يعقوب: فكلما كان الدم يعرف أنه دم المحيض، ورأت الطهر كما تراه النساء، فذلك حيض تقعد عن الصلاة وكذلك اليومين، فإن أنكر منكر من هؤلاء، وقالوا: لا نقول إذا كانت تقعد يومين حيضًا معتدلًا إن هذا حيض، فلا نجعله خلقة، ولكنا نقول ليست بحائض. قيل له: قد أجمعتم أن الحيض يكون ثلاثًا، حتى قال بعضهم: يومين وأكثر اليوم الثالث فكان يلزمكم في قياسكم أن لا تجعلوا يومين وبعض الثالث حيضًا؛ لقلة وجود هذا في النساء.
قال حرب: وقال إسحاق: ولو جاز لأحد أن يوقت لهن وقتًا يكون ذلك الوقت أقصى ما يحضن ويجعل النساء كلهن في ذلك الوقت شرعًا واحدًا، لكان ما وقت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة بنت جحش الحيض سبعة أيام والطهر ثلاثًا وعشرين أشبه الأوقات؛ لأن الغالب من أمر النساء كذلك، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لها: "كما يحضن النساء وكما يطهرن" فكان في هذا دلالة أن يكون هذا الوقت للنساء كلهن، ولكن لما سن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للنساء اللاتي استحضن فسألنه فحكم لهن بحكم مختلف؛ لما ركب فيهن من اختلاف طبائعهن علمنا أن أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحمنة في السبعة الأيام؛ لما وصفت وأكثرت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: إني إستحاض حيضة كثيرة شديدة منعتني الصلاة والصوم؛ فقال: "أنعت لك الكُرْسُف؛ فإنه يذهب الدم"، فلم يقنعها ذلك من قوله، وقالت: هو أكثر من ذلك. قال: "فتلجمي" قالت: هو أكثر من ذلك.
الصفحة 83
520