كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 21)

وكان كوجك بخيلًا، كانت هديته إلى الخليفة عشر سكاكين، حَلَّها من وسطه، وجعل يبوس كل واحدة ويتركها بين يدي الخليفة، ولما حَجَّ ما فعل خيرًا قط، ولا تصدَّق بدِرْهم (¬1).
وحجَّ في هذه السنة أسد الدِّين شيركوه، فتصدَّق وفعل كلَّ خير، وأغنى أهل الحرمين، وأمر ببناء رباطه في مدينة النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، وأَوْصى إذا مات أن يُحملَ ويدفنَ فيه. وفيها انتهى تاريخ ابنُ القلانسي، ومات.
وفيها توفي

أحمد بن محمد بن سُمَيعة البغدادي (¬2)
من شعره: [من الخفيف]
وُدُّ أَهْلِ الزَّوْراءِ زُوْرٌ فلا يَسـ ... ـكُنُ ذو خِبْرةٍ إلى ساكنيها
هيَ دارُ السَّلام حَسْبُ فلا يُطْ ... ـمَعُ فيها في غيرِ ما قيل فيها

الحسن بن علي بن عبد الله بن أبي جرالة (¬3) أبو علي ثقة الملك الحلبي
سافر إلى مِصر، وتَقدَّم عند الصَّالح بن رزِّيك، وكان يحترمه لفَضْله، وبيته، وتوفِّي بمِصر في هذه السَّنة، وقيل: سنة إحدى وخمسين (¬4)، ومن شعره: [من البسيط]
يا صاحبيَّ أَطيلا في مُؤَانستي ... وذكِّراني بخُلَّاني وعُشَّاقي
وحَدِّثاني حديثَ الخَيفِ إنَّ به ... رَوْحًا لرُوحي وتَسْهيلًا لأخلاقي (¬5)
¬__________
(¬1) كذا قال، وأما ابن الأثير فقد ذكر في "الباهر": 115 أن زين الدين علي حج في هذه السنة، وأحسن إلى الناس في طريق مكة، وأكثر الصدقات، فلما وصل بغداد أكرمه المستنجد بالله، فلما لبس الخلعة كانت طويلة، وكان قصيرًا جدًّا، فمد يده إلى كمراته، وأخرج ما شد به وسطه، وقصر الجبة، فنظر المستنجد إليه واستحسن ذلك منه.
وقال لمن عنده: مثل هذا يكون الأمير والجندي لا مثلكم. وانظر "الروضتين": 1/ 389.
(¬2) له ترجمة في "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: 1/ 344 - 345، وفيه شميعة، والبيتان فيه، وقال العماد: توفي بعد سنة خمس وخمسين.
(¬3) له ترجمة في "خريدة القصر" قسم شعراء الشام: 2/ 197، و"معجم الأدباء": 16/ 12 - 16، و"الجواهر المضية": 2/ 73، و"النجوم الزاهرة": 5/ 131، و"شذرات الذهب": 4/ 174.
(¬4) ذكر وفاته في سنة (551 هـ) كل من ترجم له خلا ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة"، والعماد في "شذرات الذهب"، فقد تابعا المؤلف في ذكر وفاته سنة (555 هـ).
(¬5) في (ع) و (ح): لآماقي، والمثبت من "الخريدة".

الصفحة 12