كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 21)

يا طائرًا عَذَباتُ البانِ مسكَنُهُ ... أيقظْتَ للدَّمْعِ جَفْنًا عنه لم يَنَمِ
غَرِّدْ بألحانك المُسْتَعْجِمات فما ... أبقيتَ جارحةً إلَّا على أَلَمِ
لِيَهْنِكَ الإِلْفُ والعيش الرَّغيد وإنْ ... كان الذي سَرَّ أو ما ساء كالحُلُم
تحية من مَشُوق طال موقفهُ ... على الثَّويَّةِ (¬1) بالوَخَّادة الرُّسُمِ (¬2)
يَحِنُّ شوقًا إلى أرض الحجاز ومِنْ ... دونِ الذي رامَ شعبٌ غير مُلْتَئِمِ
فقِفْ بحيث أفاض المُحْرمون على ... عارٍ من [الثوب] (¬3) مكْسُوٍّ من السَّقَمِ
في كل وقت له [وجْدٌ] (¬4) يُقَلْقِلهُ ... حتى يُظَنَّ به طَيفٌ من اللَّمَمِ
من أبيات (¬5).

يحيى بن سعيد [الطبيب] (¬6) النَّصراني البغدادي (¬7)
أوحد زمانه في معرفة الطِّبِّ، والأدب، وله ستون مقامة ضاهى بها مقامات الحريري، وله شِعْرٌ رائق، فمنه في الشيب يقول: [من الخفيف]
نَفَرَتْ هندُ من طلائعِ شَيبي ... واعترتها سآمةٌ من وجوم
هكذا عادةُ الشَّياطين يَنْفِرْ ... نَ إذا ما بَدَتْ رجومُ النُّجومِ (¬8)
وقال: [من الكامل]
قَسَمًا بسكَّانِ العقيقِ وحاجرٍ ... مُذْ غِبْتَ ما لاذ الرُّقاد بناظري
وإذا أَلَمَّ فما يُلِمُّ بمُقْلتي ... إلا طماعيةً بطيفٍ زائر
¬__________
(¬1) الثوية: موضع قريب من الكوفة، وقيل: بالكوفة. "معجم البلدان": 2/ 87.
(¬2) الوخادة: الإبل التي تخد؛ أي تسرع وتوسع الخطو. "اللسان" (وخد). والرسم جمع رسوم، وهي الناقة تؤثر في الأرض من شدة الوطء. "اللسان" (رسم).
(¬3) في (ع) و (ح): السقم، والمثبت ما بين حاصرتين من "الخريدة".
(¬4) في (ع) و (ح): طيف، والمثبت ما بين حاصرتين من "الخريدة".
(¬5) القصيدة في "خريدة القصر" 3/ 370 - 372.
(¬6) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(¬7) له ترجمة في "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: 4/ 695 - 701، و"أخبار الحكماء" للقفطي: 236، و"معجم الأدباء": 20/ 40، و"النجوم الزاهرة": 5/ 364، و"البداية والنهاية" (وفيات 589 هـ)، و"شذرات الذهب": 4/ 185.
(¬8) البيتان في "الخريدة": 4/ 696.

الصفحة 41