كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 21)

نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وشِمَالِكَ ومن بَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ. فَرَأَيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ.
وحديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ: "اللَّهُمَّ أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بعد اليوم". فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَد فَقَالَ: حَسْبُكَ. فَخَرَجَ وَهْو يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)}.
معنى (أَشْرَقَ): أضاء، وكلامه المذكور أراد به تسكين نفوس صحابته إلى ذلك؛ إذ هي أول لقائهم العدو وكانوا يرقبون إجابة دعائه فألح في الدعاء؛ لذلك، فلما رأى الصديق سكن لذلك، وقال له: حسبك أقصر من الدعاء وبشرهم بالنصر، ولا يحل توهم أن الصديق كان أصح يقينًا من رسول الله إليك، نبه عليه الخطابي (¬1)، ووقع له يوم أحد أيضا أنه قال: "اللهم إن تشأ لا تعبد في الأرض". ذكره أبو نعيم عبيد الله بن الحسن بن أحمد الحراني من حديث أنس في "جمعه بين الصحيحين"، وفي رواية: والله لينصرنك الله، وليبيضن وجهك.
وفي رواية: بعض مناشدتك ربك فإن ربك منجز لك ما وعدك (¬2) وفي أخرى: كذاك مناشدتك ربك (¬3).
ورواه ثابت في "دلائله " من حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال قاسم بن ثابت في "الدلائل" على ما نقله السهيلي: كذلك قد يراد بهذا الإغراء والأمر بالكف عن الفعل قال ثابت: إنما قال الصديق ذلك رقة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى
¬__________
(¬1) "أعلام الحديث" 3/ 1703.
(¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 359 (36677).
(¬3) رواه مسلم (1763).

الصفحة 26