كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 21)

وكان حارثة بن سراقة أصابه سهم غريب، وأغرب ابن منده قال: استشهد حارثة يوم أحد. ورده أبو نعيم، وذكر أن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى حارثة في الجنة فقال: "كذاكم البر" وكان بارًّا بأمه. (¬1)
قلت: الذي في "مسند أحمد" وغيره: أن هذا يقول فيه حارثة بن النعمان بن لقع بن زيد الأنصاري النجاري البدري من فقهاء الصحابة، رأى جبريل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمقاعد (¬2).
قال ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت الجنة فسمعت قراءة، فقلت: من هذا؟ فقالوا حارثة بن النعمان. فقال: كذاكم البر" (¬3)، وكان برًّا بأمه بقي إلى إمرة معاوية، وقد أسلفنا ذلك فيما مضى، وفي "معجم الصحابة" للذهبي: حارثة بن الربيع، وهي أمه قيل: هي التي قالت: يا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، قد علمت منزلة حارثة مني، وكان أصيب يوم بدر، وهو حارثة بن سراقة، ووهم من قال: يوم أحد، وقد أسلفناه.
وقوله: ("وَيْحَكِ")، هو ترحم وإشفاق كما سلف، وقال الداودي: هو توبيخ.
وقوله: ("أو هَبِلْتِ") هو بإسكان الواو (¬4)، يقال: هبلته أمه تهبله هبلا، أي: ثكلته، وقد تستعمل في معنى المدح والإعجاب، والإهبال: الإثكال.
¬__________
(¬1) "معرفة الصحابة" 2/ 740.
(¬2) "مسند أحمد" 5/ 433.
(¬3) "مسند أحمد" 6/ 36.
(¬4) في هامش الأصل: الصواب تحريكها، كما ضبطه به ابن قرقول، وقال: من سكن فقد أوهم.

الصفحة 49