كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 21)

فما نفعتهم صلاتهم، فلما صليت أتاني ليقتلني فقلت: يا أرحم الراحمين ثلاثاً، فإذا بفارس بيده حربة حديدة فيها شعلة نار، فطعنه بها، فأنفده من ظهره، فوقع ميتا، وقال: لما دعوت الأولى كنت في السماء السابعة، وفي الثانية كنت في السماء الدنيا، وفي الثالثة جئتك (¬1).
قلت: يؤيده ما رواه أحمد في "مسنده" من حديث أبي أمامة مرفوعًا: "إن لله تعالى ملكًا موكلا بمن يقول يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثا قال له الملك: إن الله أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل" (¬2)، وذكر أبو يوسف في "لطائفه" عن الضحاك أن كفار قريش بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة: ابعث إلينا بقراء من علماء أصحابك يعلمونا الدين فقد أسلمنا، فبعث إليهم جماعة فيهم خبيب، فذكر الحديث، وفيه فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أيكم ينزل خبيبا من خشبته وله الجنة" فقال الزبير: أنا والمقداد، قالا: فوجدنا حول الخشبة أربعين رجلاً فأنزلناه، فإذا هو رطب ولم يتغير بعد أربعين يومًا، ويده على جرحه وهي تبض دمًا كالمسك، فحمله الزبير على فرسه، فلما لحقه الكفار قذفه فابتلعته الأرض؛ فسمي بليع الأرض.
وفي البخاري: وأخبر -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يوم أصيبوا بخبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يؤتوه بشيء يعرف، وكان قتل رجلاً من عظمائهم، فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا أن يقطعوا من لحمه شيئًا.
¬__________
(¬1) "الروض الأنف" 3/ 235.
(¬2) لم أجده في "المسند" لكن رواه الحاكم في "المستدرك" 1/ 544، وضعفه الألباني في "الضعيفة" (3200).

الصفحة 65