كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 21)

عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسلَّمَ نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. قَال: قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَمَا الْقَزَعُ؟ قَال: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ
ــ
عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، أخو أبي بكر بن نافع، روى عن أبيه نافع في اللباس وذكر الجان، ويروي عنه (خ م د س ق) وعبيد الله بن عمر وعثمان الغطفاني وروح بن القاسم وإسماعيل بن جعفر ومالك، وثقه النسائي وأحمد، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات في خلافة المنصور (عن أبيه) نافع مولى ابن عمر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع) وفي الصحاح القزع بفتحتين أن يحلق رأس الصبي في مواضع ويترك الشعر في مواضع متفرقًا وقد نهي عنه، ويقال قزع رأسه تقزيعًا إذا حلق شعره وبقيت منه بقايا في نواحي رأسه ورجل مقزع أي رقيق شعر الرأس متفرقه، والقزع في الأصل قطع من السحاب رقيقة الواحدة قزعة اهـ. (قلت) لا خلاف أنه إذا حلق من الرأس مواضع وأبقيت مواضع أنه القزع المنهي عنه لما عرف من اللغة كما نقلناه آنفًا ولتفسير نافع له بذلك كما ذكره المؤلف بقوله (قال) عمر بن نافع (قلت لنافع وما القزع؟ قال) نافع القزع أن (يحلق) بالبناء للمجهول (بعض رأس الصبي ويترك بعض) آخر، واختلف فيما إذا حلق جميع الرأس وترك منه موضع كشعر الناصية أو فيما إذا حلق موضع وحده وبقي أكثر فمنع ذلك مالك ورآه من القزع المنهي عنه، قال النووي: وهذا الذي فسره به نافع أو عبيد الله هو الأصح وهو أن القزع حلق بعض الرأس مطلقًا، ومنهم من قال هو حلق مواضع متفرقة منه، والصحيح الأول لأنه تفسير الراوي وهو غير مخالف للظاهر فوجب العمل به، وأما ما ذكر في صحيح البخاري من قوله إذا حلق الصبي وترك ها هنا شعرة وههنا شعرة فالظاهر أنه تمثيل بفرد من أفراد القزع وليس تعريفًا له، ثم قال النووي: وأجمع العلماء على كراهة القزع إلا أن يكون مداواة ونحوها وهي كراهة تنزيه، وكرهه مالك في الجارية والغلام مطلقًا، وقال بعض أصحابه: لا بأس به في القصة والقفا للغلام، ومذهبنا كراهته مطلقًا للرجل والمرأة لعموم الحديث، والقصة بضم القاف المراد بها ها هنا شعر الصدغين وبالقفا شعر القفا والحاصل منه أن القزع مخصوص بشعر الرأس وليس شعر الصدغين والقفا من الرأس. قال العلماء: والحكمة في كراهته أنه تشويه للخلق، وقيل لأنه زي اليهود وقد جاء هذا في رواية أبي داود والله أعلم.

الصفحة 485