كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 21)

أَفَأَصِلُهُ؟ فَقَال: "لَعَنَ الله الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ"
ــ
تساقط وانتتف شعرها وتمزق، وفي رواية (تمرط) وكلاهما بمعنى واحد يقال مرق الصوف عن الإهاب يمرق مرقًا من باب فرح، وتمرق وأمرق بمعناه ويقال مرط شعره يمرطه إذا نتفه، والمراطة ما سقط منه وتمرط شعره يتمرط تمرطًا إذا تساقط، ووقع في بعض الروايات (تمزق) ومعناه تقطع (أ) يجوز لي أن أصل شعرها بشعر آخر (فأصله) به فالهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة ما بعدها على ذلك المحذوف، ووصل الشعر هو أن يضاف إليه شعر آخر يكثر به اهـ مفهم. وللطبراني من طريق محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر (فأصابتها الحصبة أو الجدري فسقط شعرها وقد صحت وزوجها يستحثنا وليس على رأسها شعر أفنجعل على رأسها شيئًا نجملها به) (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالها لا يجوز لك وصل شعرها بشعر آخر لأنه (لعن الله) سبحانه وتعالى وطرد عن رحمته (الواصلة) أي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر (والمستوصلة) أي التي تطلب من يفعل بها ذلك ويقال لها موصولة أيضًا اهـ نووي، وقال محمد ذهني: الواصلة هي التي توصل شعرها بشعر آخر زورًا وكذبًا وهي أعم من أن تفعل بنفسها أو تأمر غيرها بأن يفعله (والمستوصلة) هي التي تطلب هذا الفعل من غيرها وتأمر من يفعل بها ذلك وهي تعم الرجل والمرأة، فالتاء إما باعتبار النفس أو لأن الأكثر أن المرأة هي الآمرة أو الراضية اهـ، قال في المبارق: الرجل والمرأة في ذلك سواء هذا إذا كان المتصل شعر الآدمي لكرامته، وأما غيره فلا بأس بوصله فيجوز اتخاذ النساء القراميل من الوبر اهـ والقراميل جمع قرمل على وزن زبرج وهو ما تربط به النساء شعرهن.
قال القرطبي: وهذا الحديث نص صريح في تحريم وصل الشعر بالشعر وبه قال مالك وجماعة من العلماء ومنعوا الوصل بكل شيء من الصوف والخرق أو غيرها لأن ذلك كله في معنى وصله بالشعر ولعموم نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة شعرها، وقد شذ الليث بن سعد فأجاز وصله بالصوف والخرق وما ليس بشعر وهو محجوج بما تقدم، وأباح آخرون وضع الشعر على الرأس وقالوا إنما نهى عن الوصل خاصة وهذه ظاهرية محضة وإعراض عن المعنى، وقد شذ قوم فأجازوا الوصل مطلقًا وتأولوا الحديث على غير وصل الشعر وهو أن تكون المرأة بغية في شبيبتها فإذا

الصفحة 493