كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 21)

لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ. قَال: فَبَلَغَ ذلِكَ امْرأَةَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ. يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ. وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ. فَأَتَتْهُ فَقَالتْ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ؛ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ. فَقَال عَبْدُ الله: وَمَا لِيَ لَا أَلعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسلَّمَ؟ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ
ــ
الله هذه المذكورات الفاعلات ما ذكر طلبًا (للحسن) والجمال (المغيرات خلق الله) أي صورتهن التي خلقهن الله عليها (قال) علقمة (فبلغ ذلك) أي لعن عبد الله لهذه المذكورات (امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب) قال العيني: لم يدر اسمها ومراجعتها عبد الله بن مسعود تدل على أن لها إدراكًا لكن لم يذكرها أحد في الصحابيات اهـ (وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت) له أي قالت أم يعقوب لعبد الله (ما حديث بلغني عنك) يا عبد الله من (أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) وصورتهن التي خلقهن الله تعالى عليها (فقال عبد الله) بن مسعود للمرأة السائلة المعترضة عليه لعنه لهذه المذكورات (ومالي) أي وأي شيء ثبت لي حالة كوني (لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم) إياهن (وهو) أي والحال أن الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم فيما فعل وفيما ترك الذي من جملته لعن هذه المذكورات مذكور (في كتاب الله) عزَّ وجلَّ يعني القرآن كما سي سيشرحه قريبًا بقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} أراد به أن ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو نهى عنه فإنه من جملة أوامر الله تعالى ونواهيه لأن كتاب الله أمرنا بإطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه، قال القرطبي: وقول ابن مسعود للمرأة (ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) دليل على جواز الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في إطلاق اللعن علي من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم معينًا كان أو غير معين لأن الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يلعن إلا من يستحق ذلك غير أن هذا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم "اللهم ما من مسلم سببته أو جلدته أو لعنته وليس لذلك بأهل فاجعل ذلك له كفارة وطهورًا" رواه مسلم [٢٦٠١]، وهذا يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم قد يلعن من ليس بأهل للعنة وقد أشكل هذا على كثير من العلماء وراموا الانفصال عن ذلك بأجوبة متعددة ذكرها القاضي عياض

الصفحة 502