كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 21)

فَقَالتِ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَينَ لَوْحَي الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ فَقَال: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ. قَال الله عَزَّ وَجَلِّ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]. فَقَالتِ الْمَرْأَةُ: فَإِنِّي أَرَى شَيئًا مِنْ هذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الآنَ
ــ
في كتاب الشفاء وأشبه ما ينفصل به عن ذلك أن قوله ليس لذلك بأهل في علم الله وأعني بذلك أن هذا الذي لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما لعنه لسبب صدر منه يقتضي إباحة لعنه لكنه قد يكون منهم من يعلم الله تعالى من مآل حاله أنه يقلع عن ذلك السبب ويتوب منه بحيث لا يضره فهذا هو الذي يعود عليه سب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ولعنه له بالرحمة والطهور والكفارة ومن لا يعلم الله ذلك منه فإن دعاءه صلى الله عليه وسلم زيادة في شقوته وتكثير للعنته والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
وقوله (وهو في كتاب الله) فهمت المرأة من هذا القول أن لعن المذكورات في الحديث منصوص عليه في القرآن (فقالت المرأة لقد قرأت ما بين لوحي المصحف) أي دفتيه وجلديه في الجانبين (فما وجدته) أي ما وجدت لعن هذه المذكورات في كتاب الله (فقال) لها عبد الله (لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه) بإشباع كسرة التاء في الموضعين إلى تولد الياء عنها وهي لغة معروفة فيما إذا اتصل بتاء خطاب الواحدة المؤنثة ضمير غائب وهي الرواية هنا ومعنى قرأتيه تدبرتيه اهـ مفهم، وقال الطيبي: اللام الأولى موطئة للقسم، والثانية لجواب القسم الذي سد مسد جواب الشرط والمعنى لو قرأتيه بالتدبر والتأمل لعرفت ذلك اهـ مرقاة. وإنما قلت لك ذلك لأنه قد (قال الله عزَّ وجلَّ): في كتابه العزيز ({وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}) ولو كنت تأملت هذه الآية لعرفت ما قلته لك، قال القرطبي: ووجه استدلاله على ذلك بالآية أنه فهم منها تحريم مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يأمر به وينهى عنه، وأن مخالفه مستحق للعنة وهؤلاء المذكورات في الحديث مستحقات للعنة اهـ من المفهم (فقالت المرأة) لعبد الله (فإني أرى شيئًا من هذا) الأمر الذي لعنت عليه (على امرأتك الآن) أي في هذا الزمن القريب تعني أنها رأت على امرأته في وقت قريب من وقت كلامها معه حتى كأنه في حكم الوقت الحاضر المعبّر عنه بـ الآن (شيئًا) من تلك الأمور المذكورات في الحديث وأقرب ما يكون ذلك الشيء التنميص وهو الذي يزول بنبات الشعر عن قريب ولو كان ذلك وشمًا أو تفليجًا لما زال، وامرأة عبد الله اسمها زينب بنت عبد الله بن معاوية

الصفحة 503