كتاب من أحكام الفقه الإسلامي وما جاء في المعاملات الربوية وأحكام المداينة

وهذا ضررٌ عظيم مخالِفٌ للشرع، ومضارُّه شاملة للغني والفقير.
وقد جعل الله الأموال قياما للناس، تقوم بها المصالح والمنافع، فمن صرفها في غير وجهها الشرعي فقد ضيّع الأمانة المُلْقاة على عاتقه، وهذا النوع من النفقة لم يضمن الله للمنفق خلفها.
إنّ هذا التوسُّع يُرغم العاجزين ومن ليس لهم مقدرة بالتزام ذلك مجاراة للأغنياء والقادرين، فلو أن الرؤساء والأغنياء الذين هم قدوة لغيرهم التزموا الاقتصاد في النفقات، واتّفقوا عليه، لشكروا على ذلك، وكان فيه خير للمجتمع، قال تعالى في الحَثِّ على هذا السبيل: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} 1 فإنك إن قصّرت بالنفقات، وبخلت بالواجبات؛ لامك الناس على الإمساك، ولاموك على البخل، وإن أسرفت في الإنفاق فوق طاقتك، نفد ما عندك، فأصبحت حاسر اليد فارغها. فالاقتصاد من أسباب بقاء المعيشة ودوامها فإنه "ما عالَ من اقتصد".
والسخاء المحمود شرعا: هو بذل ما يُحتاج إليه، وأن يوصل ذلك إلى مستحقّه بقدر الإمكان. وليس كما قيل: "حدّ
__________
1 سورة الإسراء، الآية: 29.

الصفحة 12