كتاب من أحكام الفقه الإسلامي وما جاء في المعاملات الربوية وأحكام المداينة

وبعد: فإنّ تحريم هذه المداينة التي ذكرنا صورتها في أوّل هذا القسم لا يمتري فيه شخص تجرّد عن الهوى وعن الشحّ، وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن مقصود كلٍّ من الدائن والمدين دراهم بدراهم، ولذلك يقدّران المبلغ بالدراهم والكسب بالدراهم قبل أن يعرفا السلعة التي يكون التحليل بها، لأنهما يتّفقان أولاً على دراهم: العشرة كذا وكذا، ثم يأتيان إلى صاحب الدُكّان، فيشتري الدائن أيّ جنس وجده من المال، فربما يكون عنده سكّر، أو خام، أو رز، أو هيل، أو غير ذلك، فيشتري الدائن ما وجد ويأخذه المستدين، وبهذا عُلم أن القصد الدراهم بالدراهم، وأن السلعة غير مقصودة للطرفين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيّات وإنما لكل امرئ ما نوى" متّفق عليه.
ويدلّ على ذلك: أن الدائن والمستدين كلاهما لا يقلبان السلعة ولا ينظران فيها نظر المشتري الراغب، وربما كانت معيبة أو تالفاً منها ما كان غائبا عن نظرهما مما يلي الأرض،

الصفحة 51