كتاب مساجلة علمية حول صلاة الرغائب

فإن لم نستحبه، لم نعده من المكروه المنكر، لعدم دليل قوي على ذلك.
وما ورد عن بعض أئمة الحديث من كراهة نحو ذلك، فمحمول على الكراهة، التي هي بمعنى ترك الأولى فإن الكراهة قد أطلقت على معان وذلك أحدها. والله أعلم (¬1).
الثاني: السجدتان الفردتان عقيب هذه الصلاة، وقد اختلف أئمتنا في كراهة مثل ذلك، فإن كان المنازع يختار
¬__________
أخبروه الخبر، فقال: يا فلان ما يمنعك مما يأسر به أصحابك وما يحملك أن تقرا هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: يا رسول الله إني أحبها، فقال رسول الله (ص): إن حبها أدخلك الجنة.
أخرجه الترمذي (2/ 148 - بولاق) وقال: حسن غريب صحيح. والبيهقي (2/ 60 - 61) باسناد صحيح على شرط مسلم وعلقه البخاري.
الثاني: عن ابن الديلمي - وهو ابن أخت النجاشي وقد خدم النبي (ص) قال: قال رسول الله (ص): من قرأ (قل هو الله أحد) مائة مرة في الصلاة أو غيرها كتب الله له براءة من النار. قال الهيثمي (7/ 145): رواه الطبراني وفيه محمد بن قدامة الجوهري وهو ضعيف.
قلت: وإذا عرف لفظ الحديثين تبين أن لا حجة فيها لما ذهب إليه المؤلف من جواز التكرار أما الأول، فلأنه ليس فيه تكرار السورة الواحدة في الركعة الواحد كما هو المدعى، وأما الآخر فلضعف إسناده.
(¬1) قال الإمام ابن القيم في: إعلام الموقعين (1/ 39): وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم وسبب ذلك تورع الأئمة عن اطلاق لفظ التحريم، وأطلقوا لفظ الكراهة ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مؤنته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه، وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الاولى، وهذا كثير جدا في تصرفاتهم، فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة ثم ذكر عدد كبيرا من الادلة من كتاب الله وسنة رسوله وكلام الأئمة.

الصفحة 20