كتاب فتح رب البرية بتلخيص الحموية

فأما قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُم} [الأنعام: 3] ، وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] . فليس معناهما أن الله في الأرض كما أنه في السماء، ومن توهّم هذا، أو نقله عن أحد من السلف فهو مخطئ في وهمه، وكاذب في نقله.
وإنما معنى الآية الأولى: أن الله مألوه في السماوات وفي الأرض، كل من فيهما فإنه يتألَّه إليه ويعبده. وقيل معناها: أن الله في السماوات ثم ابتدأ فقال: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3] ؛ أي: إن الله يعلم سركم وجهركم في الأرض، فليس علوه فوق السماوات بمانع من علمه سركم وجهركم في الأرض.

وأما الآية الثانية فمعناها: أن الله إله في السماء وإله في الأرض، فألوهيته ثابتة فيهما، وإن كان هو في السماء؛ ونظير ذلك قول القائل: فلان أمير في مكة، وأمير في المدينة؛ أي: أن إمارته ثابتة في البلدين، وإن كان هو في أحدهما.

وهذا تعبير صحيح، لغة وعرفاً، والله أعلم.

الصفحة 43