كتاب فتح رب البرية بتلخيص الحموية

معك، أنا معك. إلى غير ذلك من اللوازم والمقتضيات المختلفة باختلاف الإضافة والقرائن والأحوال.

ومثل هذا اللفظ الذي يتفق في أصل معناه ويختلف مقتضاه وحكمه باختلاف الإضافات والقرائن يسميه بعض الناس: مشككاً؛ لتشكيك المستمع هل هو من قبيل المشترك الذي اتحد لفظه، واختلف معناه، نظراً لاختلاف مقتضاه وحكمه؟ أو هو من قبيل المتواطئ الذي اتحد لفظه ومعناه، نظراً لأصل المعنى؟
والتحقيق أنه نوع من المتواطئ؛ لأن واضع اللغة وضع هذا اللفظ بإزاء القدر المشترك، واختلاف حكمه ومقتضاه إنما هو بحسب الإضافات والقرائن لا بأصل الوضع، لكن لما كانت نوعاً خاصًّا من المتواطئة فلا بأس بتخصيصها بلفظ.

إذا تبين ذلك فقد اتضح أن لفظ المعية المضاف إلى الله مستعمل في حقيقته لا في مجازه، غير أن معية الله لخلقه معية تليق به، فليست كمعية المخلوق للمخلوق بل هي أعلى، وأكمل، ولا يلحقها من اللوازم والخصائص ما يلحق معية المخلوق للمخلوق.

هذا وقد فسّر بعض السّلف معية الله لخلقه: بعلمه بهم، وهذا تفسير للمعية ببعض لوازمها، وغرضهم به: الردّ على حلولية الجهمية، الذين قالوا: إن الله بذاته في كل مكان، واستدلوا

الصفحة 56