كتاب السنة في مواجهة الأباطيل

وزيادة غير " البخاري " «فِي النَّارِ» يشهد لها قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (¬1).
وفي " صحيح البخاري " (¬2) ثُمَّ [قَالَ]: «يُنَادِي مُنَادٍ: لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ».
وفيه: «يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ القَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ» (¬3).

وهذا يوافق قوله تعالى في فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} (¬4).
فإنْ قيل وما ذنبهما حتى يُعَذَّبَانِ؟ فإنه مثل رجل سمع بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (¬5).
فقال: ما ذنب الحجارة؟ (¬6).

قلت: أجاب عن ذلك الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ: «لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا فِي النَّارِ تَعْذِيبُهُمَا بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ تَبْكِيتٌ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُهُمَا فِي الدُّنْيَا لِيَعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَتَهُمْ لَهُمَا كَانَتْ [بَاطِلاً]».
ولا شك في أَنَّ جمع العابد والمعبود في النار غاية التوبيخ والسخرية والإيلام (¬7).

قَالَ الإِسْمَاعِيلِي: «لاَ يَلْزَم مِنْ جَعْلهمَا فِي النَّار تَعْذِيبهمَا، فَإِنَّ لِلَّهِ فِي النَّار مَلاَئِكَة وَحِجَارَة وَغَيْرهَا لِتَكُونَ لأَهْلِ النَّار عَذَابًا وَآلَة مِنْ آلاَت الْعَذَاب وَمَا شَاءَ اللَّه مِنْ ذَلِكَ، فَلاَ تَكُون هِيَ مُعَذَّبَة» (¬8).
¬__________
(¬1) [الأنبياء: 98].
(¬2) 13/ 419.
(¬3) [هذه رواية " صحيح البخاري " أما التي أوردها المؤلف فهي بلفظ مسلم: «كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ» " صحيح مسلم "، 1/ 163، حديث رقم 182، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت].
(¬4) [هود: 98].
(¬5) [البقرة: 24].
(¬6) " تأويل مختلف الحديث ": ص 102.
(¬7) [عزا المؤلف هذه القولة لـ " فتح الباري " وإنما هي للشيخ محمد محمد أبو شهبة حين نقل عنه من كتابه. انظر " دفاع عن السُنَّة ": ص 145، ولا وجود لها في " فتح الباري "].
(¬8) " فتح الباري ": 6/ 214.ىىىى

الصفحة 169