وسمُرة بن جندب (- 60 هـ) كان قد جمع أحاديث كثيرة في نسخة كبيرة ورثها ابنه سليمان ورواها عنه (¬1)، وهي - على ما يظن - الرسالة التي بعثها سمُرة إلى بنيه (¬2)، وهي التي يقول فيها ابن سيرين (¬3): «فِي رِسَالَةِ سَمُرَةَ إِلَى بَنِيهِ عِلْمٌ كَثِيرٌ» (¬4).
¬__________
= التالية عن موسى بن عُقبة صاحب " المغازي ": «عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، وكان كاتباً له، أنَّ عبد الله بن أبي أوفى كتب فقرأته - وفي رواية - كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية فقرأته. فإذا فيه أنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس فقال: " أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ. فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الاَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ "»، راجع " صحيح البخاري "، باب لا تتمنوا لقاء العدو، وباب إذا لم يقاتل أول النهار، وباب الصبر على القتال.
(¬1) " تهذيب التهذيب ": 4/ 198.
(¬2) قارن بـ Tradition Islamique, p. 11
(¬3) هو محمد بن سيرين البصري، يُكنَّى أبا بكر. كان إمام عصره في علوم الدين بالبصرة. تُوُفِّيَ سَنَةَ 110 هـ (تهذيب التهذيب: 9/ 214).
(¬4) " تهذيب التهذيب ": 4/ 236 رقم 402، والمعروف عن محمد بن سيرين أنه كان يكره كتابة العلم، فقد تحدَّثَ عن وجهة نظر الناهين عن الكتابة فقال: «وكانوا يرون أنَّ بني إسرائيل إنما ضلُّوا بكتب ورثوها» " تقييد العلم ": ص 61 وقال يوماً لعبيدة: «اكتب منك ما أسمع؟ قال: لا، قال: وجدت كتاباً أنظر فيه؟ قال: لا» (انظر " تقييد العلم ": ص 45 وقارن بـ " سنن الدارمي ": 1/ 121) وانظر عن كراهته الكتابة بصورة عامة (" علل الحديث " لابن حنبل: ورقة 6 الوجه الأول، مخطوطة الظاهرية، مجموع 40 و " المحدث الفاصل ": 4 الورقة 5 الوجه الأول و " طبقات ابن سعد ": 7/ 1 ص 141).
ولكن ابن سيرين «لم ير بأساً، إذا سمع الرجل الحديث، أنْ يكتبه، فإذا حفظه محاه» كما روى عنه يحيى بن عتيق في " تقييد العلم ": ص 60 وحماد بن زيد في " المحدث الفاصل ": 4 الورقة 5 الوجه الثاني. ولعلَّهُ بدأ أمره يكتب أو يقرأ من الكتب، ولذلك عرف مضمون رسالة سَمُرَةَ إلى بنيه، وقدر ما فيها من العلم الكثير.