كتاب أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين ط إحياء الكتب العربية

صلى الله عليه وسلم كما اعترف بنفسه. فماذا يعمل خالد وغير خالد أمام النبوة ورسول الله يمده الله سبحانه وتعالى بالقوى الظاهرة والباطنة وتقع على يديه المعجزات الباهرة التي دونها بطولة الأبطال وشجاعة الشجعان وعلوم الخلق كافة ويبشره الله بالنصر والفتح المبين؟ وماذا يفعل وهو يرى انتشار الإسلام ودخول الناس في دين الله أفواجا. وقد ألفى نفسه وحيدا كعمرو بن العاص لا يقدر على عمل شيء. هذا وقد كان رسول الله يعرف الرجال ويقدرهم ولذلك كان يرجو أن يهدي الله خالدا إلى الإسلام ويجعل نكايته مع المسلمين على المشركين، فنصحه أخوه الوليد الذي سبقه إلى الإسلام أن يسلم فأثر فيه النصح بعد أن فكر في مواقفه الماضية، وفكر في كرامته فبادر إلى الدخول في الإسلام تكفيرا عن سيئاته وإراحة لضميره وصونا لكرامته، وقد صدقت فيه فراسة رسول الله كما صدقت فراسته في عمر بن الخطاب، فإن خالدا بعد أن أسلم دافع عن الإسلام دفاعا مجيدا قل أن يحدث مثله في تاريخ العالم. وقد شهد له بذلك الصحابة والأمم التي حاربها من فرس وروم واعترف له علماء التاريخ بالكفاية الحربية النادرة، وصدق فيه قول رسول الله (إنه سيف من سيوف الله) .
وقد كتب الأستاذ أوجست مولر في كتابه (الإسلام) يصفه فقال: (لقد كان خالد من أولئك الذين كانت عبقريتهم الحربية هي مل حياتهم الفكرية، مثل نابليون فإنه لم يعن بشيء غير الحرب ولم يرد أن يتعلم شيئا غير ذلك) .

الصفحة 180