كتاب أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين ط إحياء الكتب العربية

وهذا ما قاله خالد عن نفسه (شغلني الجهاد عن تعلم كثير من القرآن) .
ومن ذا الذي يدري ماذا كان يصنعه خالد لو أنه تلقى الفنون الحربية واستعمال الأسلحة المختلفة وأساليب القيادة وخطط الهجوم والدفاع أو لو أنه عاش في زمن انتشرت فيه الطرق المنظمة وامتدت السكك الحديدية لنقل الجيوش وتموينها، في ومن اختراع التلغراف والتليفون واللاسلكي والأسلاك الشائكة، والغازات الخانقة، والمدافع الكبيرة والأساطيل العجيبة، والمفرقعات المخيفة، والطيارات التي تلقي القنابل؟!
ألا ترى أنه بواهبه الحربية الفطرية وشجاعة قلبه وعقيدته الإسلامية قاد جيوش المسلمين على قلة عددهم وعددهم التي لم تتجاوز السيف والقوس والفرس، فهزم امبراطوريتين ملكتا العالم بكثرة جيوشهما ووفرة الذخائر والمال - ألا وهما الفرس والرومان، فكانت جيوشهما تقتل وتفر أمامه من الميدان مهزومة، وكبار القادة يصرعون أو يسلمون، والمدن الحصينة تفتح أبوابها وتسلم وتخضع أمام قوة العقيدة وصدق الإيمان والإخلاص وعدم الاكتراث بمواجهة الجيوش الجرارة طمعا في الشهادة! فهل تقاس هذه الشجاعة الخارقة وتلك المواهب النادرة التي اكتسحت الأمم بأي قائد من قواد الدنيا؟ اللهم لا.
كان خالد بن الوليد موضع إعجاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحسن تقديره، فكان إذا هزم الفرس استدعاه لقتال الروم فيسير إلى الشام هو وجيشه الذي كان أطوع له من بنانه، من غير أن يذوق للراحة

الصفحة 181