كتاب أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين ط إحياء الكتب العربية

(لا تحوز بعد الرجال. والله لا أتكلم اليوم حتى نهزمهم، أو أقتل فأكلمه بحجتي. غضوا أبصاركم. وعضوا على أضراسكم أيها الناس واضربوا في عدوكم وامضوا قدما) .
وقال أبو حذيفة:
(يا أهل القرآن زينوا القرآن بالفعال) .
وقد كانت لهذه الكلمات الحماسية أثرها في النفوس فحمل خالد في الناس حتى ردهم إلى أبعد مما كانوا واشتد القتال وقاتل العدو قتال المستميت. وكانت الحرب يومئذ تارة للمسلمين، وتارة ابني حنيفة. وقتل سالم وأبو حذيفة وزيد بن الخطاب وغيرهم من كبار المسلمين.
ولما رأى خالد ما الناس فيه واختلاط جيشه، أراد أن يميزهم لتدب فيهم روح الغيرة فقال:
(امتازوا أيها الناس لنعلم بلاء كل حي ولنعلم من أين نؤتى) .
وكان أهل البوادي قد جنبوا المهاجرين والأنصار، وجنبهم المهاجرين والأنصار. فلما امتازوا قال بعضهم لبعض (اليوم يستحى من الفرار) فما رئي يوم أعظم نكاية، غير أن القتل كان في المهاجرين والأنصار وأهل القرى أكثر منه في البوادي.
وثبت مسيلمة فدارت رحاهم عليه، وأدرك خالد أن الحالة لا تهدأ إلا إذا قتل مسيلمة فحمل عليهم ودعا إلى البراز ونادى بشعار المسلمين يومئذ وكان (يا محمداه) فلم يبرز إليه أحد إلا قتله، وحمل على

الصفحة 74