كتاب مباحث العقيدة في سورة الزمر

سمات النقص، وعلى الإيمان بالرسل وذكر براهين صدقهم، وأدلة صحة نبوتهم، والتعريف بحقوقهم، وحقوق مرسلهم، وعلى الإيمان بملائكته، وهم رسله في خلقه وأمره، وتدبيرهم الأمور بإذنه ومشيئته، وما جعلوا عليه من أمر العالم العلوي والسفلي، وما يختص بالنوع الإنساني منه من حين يستقر في رحم أمه إلى يوم يوافي ربه، ويقدم عليه، وعلى الإيمان باليوم الآخر، وما أعد الله فيه لأوليائه من دار النعيم المطلق التي لا يشعرون فيها بألم ولا نكد وتنغيص، وما أعد لأعدائه من دار العقاب الوبيل التي لا يخالطها سرور، ولا رخاء، ولا راحة، ولا فرح وفصَّل ذلك أتم تفصيل وأبينه، كما اشتمل على تفاصيل الأمر والنهي والشرع والقدر، والحلال والحرام، والمواعظ والعبر، والقصص والأمثال، والأسباب والحكم، والمبادئ والغايات في خلقه وأمره"1.
وهكذا اشتمل القرآن العظيم على بيان وحدانية الخالق وتفرده بصفات الكمال والجلال، والإيمان بالملائكة والكتب والرسل الكرام، وحث الناس على الإيمان بالبعث والمعاد.
ووجه العقول والأنظار إلى النظر في الأنفس وما فيها من عجائب وأسرار {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} 2 كما وجهها إلى النظر في الآفاق والآيات الكونية علويها وسفليها، ظاهرها وخفيها وعما تنطوي عليه من حكمٍ، وما أودع الله فيها من خواص وسنن وأفاض في ذلك في غير ما آية وسورة {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} 3 {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ ِلأُولِي الأَلْبَابِ} 4 {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ5 يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ
__________
1- مدارج السالكين 1/452.
2- سورة الذاريات، آية: 21.
3- سورة البقرة، آية: 164.
4- سورة آل عمران، آية: 190.
5- جمع صنو أي: نخلات أصلها واحد ونخلات ليس كذلك.

الصفحة 11