كتاب مباحث العقيدة في سورة الزمر

لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} 1 إلى غير ذلك من الآيات التي لا يحصيها العد.
وبالجملة فكتاب الله قد اشتمل على كل ما يسعد الإنسان ويحتاج إليه في أمر دينه ودنياه، وما من مشكلة تعرض للأمة الإسلامية إلا وقد وضع لها حلاً وعلاجاً يتناسب معها، ولكن المسلمين لما أعرضوا عنه وجعلوه وراء ظهورهم، وقفوا أمام مشكلاتهم حائرين مع أن هذا الكتاب المبين قد أبان لهم كل خير، ووضع لهم جميع أسباب النجاة وأعظم سبب يكفل لهم سعادتهم في الدنيا والآخرة هو تمسكهم بالعقيدة السلفية الصحيحة وإخلاصهم العبادة له ـ وحده لا شريك له ـ إذ هي الغاية التي خلق الله الخليقة من أجلها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} 2 ومن أجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، فالرسل عليهم الصلاة والسلام جميعهم من لدن نوح إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دعوا أقوامهم إلى توحيد الله ـ عز وجل ـ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} 3.
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 4 فالتوحيد هو العماد الأول في حياة الإنسان ولذلك زخر القرآن بآياته وسوره بالدعوة إلى عقيدة التوحيد وإخلاصها لله ـ وحده لا شريك له ـ فلا نجاة ولا سعادة، ولا فوز ولا فلاح لأحد من العباد إلا بتحقيق عقيدة التوحيد طبقاً لما في الكتاب المبين وسنة نبيه الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقد اخترت أن يكون موضوع رسالتي لنيل درجة "العالمية الماجستير" مباحث العقيدة في {سورة: الزمر} .
سبب اختياري لهذا الموضوع:
إن سبب اختياري لسورة "الزمر" لتكون موضوع رسالتي هذه ذلك لأنها من أكثر سور القرآن شمولاً لكثير من مباحث العقيدة الإسلامية، وهي من السور المكية5 التي
__________
1- سورة الرعد، آية: 4.
2- سورة الذاريات، آية: 56.
3- سورة الأنبياء، آية: 25.
4- سورة النحل، آية: 36.
5- اللهم إلا ما روي عن ابن عباس "أن وحشياً قاتل حمزة رضي الله عنه نزل فيه بضع آيات منها: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله ... } إلى آخر ثلاث آيات، وقيل: إلى آخر سبع آيات" انظر: "الدر المنثور 7/210، زاد المسير 7/160، فتح القدير للشوكاني 4/447"، وانظر "أسباب النزول للواحدي" ص249، لباب النقول للسيوطي ص185، روح المعاني 23/232".

الصفحة 12