كتاب الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد

قال السفاريني: "وفي تفسير الثعلبي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في تفسير سورة الزمر مرفوعا: "إن الله يرسل مطرًا على الأرض، فينزل عليها أربعين يوما، حتى يكون فوقهم اثني عشر ذراعا، فيأمر الله تعالى الأجساد أن تنبت كنبات البقل، فإذا تكاملت أجسادهم كما كانت؛ قال الله تعالى: ليحيا حملة العرش، ليحيا جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل. ثم يأمر الله تعالى إسرافيل، فيأخذ الصور، فيضعه على فيه، ثم يدعو الأرواح، فيؤتى بها تتوهج أرواح المؤمنين نوراً، والأخرى ظلمة، فيقبضها جميعا، ثم يلقيها في الصور، ثم يأمره أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كلها كأنها النحل، قد ملأت ما بين السماء والأرض، ثم يقول الله تعالى: وعزتي وجلالي؛ لترجعن كل روح إلى جسدها. فتدخل الأرواح إلى الخياشيم، ثم تمشي مشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنها سراعا؛ فأنا أول من تنشق عنه الأرض، فتخرجون منها إلى ربكم تنسلون".
وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه: "ينزل من السماء ماء، فينبتون كما تنبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى؛ إلا عُظَيْم واحد وهو عجز الذنب، منه يركب الخلق يوم القيامة".
وفي روايات مسلم: "إن في الإنسان عظما لا تأكله الأرض أبدًا، منه يركب الخلق يوم القيامة". قالوا: أي عظم هو يا رسول الله؟ قال: عجب الذنب".
قال العلماء: وعجب الذنب هو العظم الحديد الذي يكون في أسفل الصلب، وقد جاء في الحديث أنه مثل حبة الخردل، منه ينبت جسم الإنسان.
وقد استبعد المشركون إعادة الناس في حياة أخرى بعد الموت، فأنكروا البعث والنشور، فأمر الله نبيه أن يقسم به على وقوعه، وأنه كائن لا محالة؛ فقال

الصفحة 285