كتاب الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد

شماله، ثم قال: "وهذه سبل، على كل سيبل منها شيطان يدعو إليه" 1، ثم تلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 2.
فمن أعرض عن الكتاب والسنة؛ تنازعته الطرق المضللة والبدع المحدثة.
الأسباب التي أدت إلى ظهور البدع تتلخص في الأمور التالية:
الجهل بأحكام الدين، إتباع الهوى، التعصب للآراء والأشخاص، التشبه بالكفار وتقليدهم، ونتناول هذه الأسباب بشيء من التفصيل.
1- الجهل بأحكام الدين:
كلما امتد الزمن وبعد الناس عن آثار الرسالة؛ قل العلم وفشا الجهل؛ كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "من يعش منكم؛ فسيرى اختلافا كثيرًا" 3، وقوله: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالما؛ اتخذ الناس رؤوسا جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"4.
فلا يقاوم البدع إلا العلم والعلماء؛ فإذا فقد العلم والعلماء؛ أتيحت الفرصة للبدعة أن تظهر وتنتشر ولأهلها أن ينشطوا.
2- اتباع الهوى:
من أعرض عن الكتاب والسنة؛ اتبع هواه.
كما قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ
__________
1 رواه أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم.
2 سورة الأنعام، الآية: 153.
3 من حديث رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح)
(جامع بيان العلم وفضله) لابن عبد البر (1/ 180) .

الصفحة 327