كتاب السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي (اسم الجزء: 1)

لقد عجبت من موقف عَبْدِ الحُسَيْن في كلامه وفي كتابه معاً، ذلك الموقف الذي لا يدل على رغبة صادقة في التقارب ونسيان الماضي، وأرى الآن نفس الموقف من فريق دُعَاةِ التقريب من علماء الشِيعَةِ، إذ هم بينما يقيمون لهذه الدعوة الدُّورَ، وينشئون المجلات في القاهرة، ويستكتبون فريقاً من علماء الأزهر لهذه الغاية، لم نر أثراً لهم في الدعوة لهذا التقارب بين علماء الشِيعَةِ في العراق وإيران وغيرهما، فلا يزال القوم مُصِرِّينَ على ما في كتبهم من ذلك الطعن الجارح والتصوير المكذوب لما كان بين الصحابة من خلاف، كَأَنَّ المقصود من دعوة التقريب هي تقريب أَهْلِ السُنَّة إلى مذهب الشِيعَةِ، لا تقريب المذهبين كل منهما إلى الآخر.

ومن الأمور الجديرة بالاعتبار أن كل بحث علمي في تاريخ السُنَّةِ أو المذاهب الإسلامية مِمَّا لا يتفق مع وجهة نظر الشِيعَة، يقيم بعض علمائهم النكير على من يبحث في ذلك، ويتسترون وراء التقريب، ويتهمون صاحب هذا البحث بأنه متعصب معرقل لجهود المصلحين في التقريب، ولكن كتاباً ككتاب المرحوم الشيخ «عبد الحُسَيْن شرف الدين» في الطعن بأكبر صحابي موثوق في روايته للأحاديث في نظر جمهور أهل السُنَّة، لا يراه أولئك العاتبون أو الغاضبون عملاً مُعرقِلاً لجهود الساعين إلى التقريب! ..

ولست أحصر المثال بكتاب " أبي هريرة " وفيها من التشنيع على عائشة أم المؤمنين وعلى جمهور الصحابة ما لا يحتمل سماعه إنسان ذو وجدان وضمير، مِمَّا يُذَكِّّرُ الناسَ بآثار الماضي، ويؤجج نيران التفرقة من جديد، وكتاب «أَبِي رَيَّةَ» هو من هذه الكتب التي إن رضي الشِيعَةُ عما جاء فيه بحق الصحابي الجليل أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فإنه - بلا شك - سبب لفتح أبواب العداوة من جديد، أو على الأقل سبب للأخذ والرد وتذكر موقف الشِيعَةِ من صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فإذا كنا نأخذ عليه اعتماده على مصادر الشِيعَةِ في كتابه المذكور، وإذا كنا نتحدث عن موقف الشِيعَةِ من الحديث فإنما نبحث ذلك، أَوَلاًً: في حدود النطاق

الصفحة 10