كتاب السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي (اسم الجزء: 1)

إذ كان ذلك ذَبًّا عن دين الله وَسُنَّةِ رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ قِيلَ لِلْبُخَارِيِّ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَنْقِمُونَ عَلَيْكَ التَّارِيخَ يَقُولُونَ: فِيهِ اغْتِيَابُ النَّاسِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا رُوِّينَا ذَلِكَ رِوَايَةً وَلَمْ نَقُلْهُ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِنَا. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ».

وقد ابتدأ الكلام عن الرُّوَاة توثيقاً وتوهيناً منذ عصر صغار الصحابة كابن عباس (- 68 هـ) وعُبادة بن الصامت (- 34 هـ) وأنس بن مالك (- 93 هـ) ثم من التَّابِعِينَ: سعيد بن المسيّب (- 93 هـ) والشعبي (- 104 هـ) وابن سيرين (- 110 هـ) والأعمش (- 148 هـ) ثم تتالى الأمر، فنظر في الرجال شُعْبَةُ (- 160 هـ) وكان مُتَثَبِّتًا لا يروي إلا عن ثقة، والإمام مالك (-179 هـ). ومن أشهر علماء الجرح والتعديل في هذا القرن الثاني مَعْمَرُ (- 154 هـ) وهشام الدستوائي (- 154 هـ) والأوزاعي (- 157 هـ) والثوري (- 161 هـ) وحماد بن سلمة (- 167 هـ) والليث بن سعد (- 175 هـ) ونشأ بعد هؤلاء طبقة أخرى كعبد الله بن المبارك (- 181 هـ) والفَزَاري (- 185 هـ) وابن عُيينة (- 198 هـ) وَوَكِيعٌ بْنُ الجَرَّاحِ (- 197 هـ) ومن أشهر علماء هذه الطبقة يحيى بن سعيد القطان (- 198 هـ) وعبد الرحمن بن مهدي (- 198 هـ) وكانا حُجَّتَيْنِ مَوْثُوقَيْنِ لدى الجمهور فمن وَثَّقَاهُ قُبِلَتْ رِوَايَتُهُ، ومن جَرَّحَاهُ رُدَّتْ، وإن اختلف فيه رجع الناس إلى ما تَرَجَّحَ عندهم (¬1).

ثم تلاهم طبقة أخرى من أئمة هذا الشأن منهم يزيد بن هارون (- 206 هـ) وأبو داود الطيالسي (- 204 هـ) وعبد الرزاق بن هَمَّاٍم (211 هـ) وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ الضَحَّاكُ بْنُ مَخْلَدْ (- 212 هـ).

ثم ابتدأ تصنيف الكُتُبِ في الجرح والتعديل، ومن أوائل الذين ألَّفُوا وتكلموا في هذه الطبقة يحيى بن معين (- 233 هـ) وأحمد بن حنبل (- 241 هـ) ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وصاحب " الطبقات " (- 230 هـ) وعلي بن المديني (- 234 هـ) ثم تلاهم بعد ذلك البخاري، ومسلم، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرَّازِيَانِ، وأبو داود
¬__________
(¬1) " توجيه النظر ": ص 114.

الصفحة 110