كتاب السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي (اسم الجزء: 1)

ورأوا - بعد الإخفاق في الاستيلاء عليها عسكرياً - أَنْ يَتَّجِهُوا إلى دراسة شؤونها وعقائدها، تمهيداً لغزوها ثقافياً وفكرياً، ومن هنا كانت النواة الأولى لجمعيات المُسْتَشْرِقِينَ التي مازالت تواصل عملها حتى اليوم، والتي كانت حتى عهد قريب تتألف من رجال الدين المسيحي أو اليهودي الذين هم - ولا شك أشد الناس كُرْهًا للإسلام وَتَعَصُّبًا عليه، ولإن كان فريق من العلماء المُنْصِفِينَ قد غزا هذا الوسط (التَبْشِيرِيُّ المُتَعَصِّبُ) فعني بالدراسات العربية والإسلامية في جَوٍّ يَتَّسِمُ أكثره بالإنصاف، إلا أنه لا يزال - حتى اليوم - أكثر الذين يشتغلون منهم بهذه الدراسات من رجال الدين الذين يعنون بتحريف الإسلام وتشويه جماله، أو من رجال الاستعمار الذين يعنون ببلبلة بلاد الإسلام في ثقافتها، وتشويه حضارتها في أذهان المُسْلِمِينَ، وَتَتَّسِمُ بحوث هؤلاء بالظواهر الآتية:
1 - سوء الظن والفهم لكل ما يتصل بالإسلام في أهدافه ومقاصده.
2 - سوء الظن برجال المُسْلِمِينَ وعلمائهم وعظمائهم.
3 - تصوير المجتمع الإسلامي في مختلف العصور، وخاصة في العصر الأول، في مجتمع متفكك تقتل الأنانية رجاله وعظماءه.
4 - تصوير الحضارة الإسلامية تصويراً دُونَ الواقع بكثير، تهويناً لشأنها واحتقاراً لآثارها.
5 - الجهل بطبيعة المجتمع الإسلامي على حقيقته، والحكم عليه من خلال ما يعرفه هؤلاء المُسْتَشْرِقُونَ من أخلاق شعوبهم وعادات بلادهم.
6 - إخضاع النصوص للفكرة، التي يفرضونها حسب أهوائهم، والتحكم فيما يرفضونه ويقبلونه من النصوص.
7 - تحريفهم للنصوص في كثير من الأحيان، تحريفاً مقصوداً. وإساءتهم فهم العبارات حين لا يجدون مجالاً للتحريف.
8 - تحكمهم في المصادر التي ينقلون منها، فهم ينقلون مثلاً من كتب الأدب ما يحكمون به في تاريخ الحديث، ومن كتاب التاريخ ما يحكمون به في تاريخ

الصفحة 188