كتاب السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي (اسم الجزء: 1)

له: «يَا أَبَا الحَارِثِ لَوْلاَ ابْنَ شِهَابٍ لَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ السُنَّةِ». وأخرج مسلم في " صحيحه " من كتاب الأيمان والنذور 3/ 1268: «وَلِلزُّهْرِيِّ نَحْوٌ مِنْ تِسْعِينَ حَدِيثًا يَرْوِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ».

الثالثة - أنه كان أول من نَبَّهَ الناس إلى العناية بالأسانيد، وقد كانوا من قبل لا يهتمون بذلك، قال مالك: «أَوَّلُ مَنْ أَسْنَدَ الحَدِيثَ ابْنُ شِهَابٍ». ولعله قصد بذلك في بلاد الشام حيث أخرج ابن عساكر عن الوليد بن مسلم: أن الزُّهْرِي قال: «يَا أَهْلَ الشَّامِ مَالِي أَرَىَ أَحَادِيثَكُمْ لَيْسَ لَهَا أَزِمََّةُ وَلاَ خَطْمِ؟» وتمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذ.

آرَاءُ عُلَمَاءِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِيهِ:
قال ابن سعد صاحب "الطبقات ": «كَانَ الزُّهْرِيُّ ثِقَةً كَثِيرُ العِلْمِ وَالحَدِيثِ وَالرِّوَايَةِ، فَقِيهًا جَامِعًا».
وقال النسائي: «أَحْسَنُ أَسَانِيدَ تُرْْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةٌ: الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلِيٍّ بْنِ الحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَالزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ»، وذكر الطريقين الآخرين.
وقال الإمام أحمد: «الزُّهْرِيُّ أَحْسَنُ النَّاسِ حَدِيثًا وَأَجْوَدُهُمْ إِسْنَادًا».
وقال ابن أبي حاتم: سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ: أَيُّ الإِسْنَادِ أَصَحُّ، فَقَالَ: «أَرْبَعَةٌ: أَوَّلُهَا، الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ».
وقال ابن حبان في كتاب " الثقات ": «مُحَمَّدٌ بْنُ مُسْلِمٍ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ القُرَشِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو بَكْرٍ، رَأَى عَشْرَةً مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ مِنْ أَحْفَظِ أَهْلِ زَمَانِهِ وَأَحْسَنُهُمْ سِيَاقًَا لِمُتُونِ الأَخْبَارِ، وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلاً رَوَىَ عَنْهُ النَّاسُ».

وقال صالح بن أحمد: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: «الزُّهْرِيُّ مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ».

وقد ذكر مسلم في " مقدمة صحيحه " فقال: «فَأَمَّا مَنْ تَرَاهُ يَعْمِدُ لِمِثْلِ الزُّهْرِيِّ فِي جَلاَلَتِهِ وَكَثْرَةِ أَصْحَابِهِ الحُفَّاظِ المُتْقِنِينَ لِحَدِيثِهِ وَحَدِيثِ غَيْرِهِ ... الخ».
وقال الذهبي في " تذكرة الحفاظ ": «وَهُوَ عَلَمُ الحُفَّاظِ الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ».

الصفحة 212