كتاب العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة

هدى الله الذي أرسلتُ به)) (¬1).

الشرط الرابع: الانقياد المنافي للترك، فينقاد لما دلت عليه، ويعبد الله وحده، ويعمل بشريعته، ويؤمن بها ويعتقد أنها الحق، ولعل الفرق بينه وبين القبول: أن الانقياد هو الاتباع بالأفعال والقبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول ويلزم منهما جميعاً الاتباع ولكن الانقياد هو الاستسلام والإذعان وعدم الترك لشيء (¬2) من شروط لا إله إلا الله.
قال تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} (¬3)، {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ} (¬4)، {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى الله عَاقِبَةُ الأُمُور} (¬5)، وهذا معنى حديث: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)) (¬6)، وهذا هو تمام الانقياد وغايته (¬7).

الشرط الخامس: الصدق المنافي للكذب وهو أن يقولها وهو صادق في
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب فضل من علم وعلم، برقم 79، ومسلم في كتاب الفضائل، باب بيان مثل ما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الهدى والعلم، برقم 2282.
(¬2) انظر: (الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما) للعلامة الدكتور عبد الله بن جبرين، ص81، وتحفة الإخوان للإمام العلامة ابن باز، ص26.
(¬3) سورة الزمر، الآية: 54.
(¬4) سورة النساء، الآية: 125.
(¬5) سورة لقمان، الآية: 22.
(¬6) ذكره النووي في الأربعين النووية، وعزاه إلى كتاب الحجة، وصحح إسناده، وانظر: الكلام على الحديث في جامع العلوم والحكم لابن رجب، ص33 8، الحديث الحادي والأربعون.
(¬7) انظر: معارج القبول، 2/ 422.

الصفحة 36