كتاب العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي

أن المجتهد لا بد أن يكون جامعاً لآلة الاجتهاد، والمُجْتهد فيه الفروع العملية التي ليس عليها قاطع فكيف يستقيم هذا مع من يقول بأن المشرك المجتهد معذور لحديث "إذا اجتهد الحاكم" ولقوله تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا).
وذلك لأسباب:
(1) أن المشرك ليس من أهل القبلة.
(2) أنه ليس بجامع لآلة الاجتهاد.
(3) أنه اجتهد فيما لم يأذن الشرع له فيه أن يجتهد.
أما أقوال الصحابة والأئمة من بعدهم في هذه القضية فمنها:
(1) موقف الصحابة من مانعي الزكاة ولم يعتبروا تأويلهم وخطأهم باحتجاجهم خطأ يقول الله -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا). بل قاتلوهم قتال مرتدين (يراجع ما جاء في هذا المقام بالنسبة لمانعي الزكاة) (¬1).
(2) موقف عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- من القدرية الأول ولم يعتبر الاشتباه الذي قد وقعوا فيه وإرادتهم تنزيه الله عن الظلم فوقعوا في التنقص به من حيث لا يشعرون وبراءته منهم بمجرد سماع مقالتهم (يراجع النقل فيها) (¬2).
(3) موقف الأئمة من أصحاب البدع المغلظة ولم يعتبروا تأويلهم وجهلهم وخطاهم على سبيل المثال لا الحصر -الجهمية.
قال ابن تيمية: قال: وأما تعيين الفرق الهالكة فأقدم من بلغنا عنه أنه تكلم في تضليلهم: يوسف بن أسباط ثم عبد الله بن المبارك وهما إمامان جليلان من أجلاء أئمة المسلمين قالا: أصول البدع أربعة: الروافض والخوارج والقدرية والمرجئة. فقيل: لابن المبارك والجهمية؟ فأجاب: بأن أولئك ليسوا من أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية (¬3). ا. هـ.
وقال أيضاً: قال البخاري: وأقول: في المصحف قرآن وفي صدور الرجال قرآن فمن
¬_________
(¬1) يراجع الفصل الثاني من الباب الثالث -مسألة: ردة مانعي الزكاة.
(¬2) يراجع المبحث الرابع من الفصل الثاني من الباب الثالث -فرق القدرية وحكمها.
(¬3) جـ: 3 ص: 350 لمجموع الفتاوى.

الصفحة 223