كتاب العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي

قال غير هذا: يستتاب فإن تاب وإلا فسبيله سبيل الكفر (¬1). ا. هـ.
وقال صاحب عون المعبود وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد: قال سمعته وبلغه عن رجل أنه قال إن الله لا يرى في الآخرة فغضب غضباً شديداً ثم قال: من قال: إن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر فعليه لعنة الله وغضبه من كان من الناس أليس الله -عز وجل- يقول: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ). وقال: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ). فهذا دليل على أن المؤمنين يرون الله ....
وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل وقد ذكر عنده شيء في الرؤية فغضب وقال: من قال: إن الله لا يرى فهو كافر (¬2). ا. هـ.
قلت: وفي هذا القدر الكفاية بفضل الله للرد على هذا الاشتباه وبيان أن رخصة الخطأ هي فيما دون أصل الدين أي: التوحيد وترك الشرك وهذا ثابت بالكتاب والسنة والإجماع وعليه سلف الأمة وأئمتها.
وقد استفضت في الرد على هذا الاشتباه (لأنه من جهة الأمانة العلمية أقوى دليل يُستدل به خطأ في هذه القضية وبمشيئة الله هذا لن يكون دأبي في بقية الشبه فمنها بمشيئة الله ما سوف أمر عليه مر الكرام إما لوهنه الشديد في الاشتباه وإما لأنه أجنبي عن الاستدلال في المسألة وبالله التوفيق.
حادثة الحواريين:
الشبهة الثانية: الاستدلال بقول الله -تعالى-: (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُواْ اللهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) [المائدة: 112: 113].
قالوا: فهؤلاء القوم شكوا في قدرة الله وفي صدق نبوة نبيه، صلى الله عليه وسلم، وعذروا بجهلهم والجواب:
¬_________
(¬1) جـ: 4 ص: 182 لمجموع الفتاوى.
(¬2) عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ: 13 ص: 54: 55.

الصفحة 224