كتاب العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي

الناس فيه من مسائل في أصول الدين لم ينقل عن سيدنا محمد فيها كلام أم لا؟ سؤال ورد بحسب ما عهد عن الأوضاع المبتدعة الباطلة.
فإن المسائل التي هي من أصول الدين التي تستحق أن تسمى: أصول الدين أعني: الدين الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه لا يجوز أن يقال: لم ينقل عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فيها كلام، بل هذا كلام متناقض في نفسه إذ كونها من أصول الدين يوجب أن تكون من أهم أمور الدين، وأنها مما يحتاج إليه الدين.
ثم نفى نقل الكلام فيها عن الرسول يوجب أحد أمرين:
إما أن الرسول أهمل الأمور المهمة: التي يحتاج الدين إليها فلم يبينها أو أنه بينها فلم تنقلها الأمة.
وكلا هذين باطل قطعاً، وهو من أعظم مطاعن المنافقين في الدين، وإنما يظن هذا وأمثاله من هو جاهل بحقائق ما جاء به الرسول، أو جاهل بما يعقله الناس بقلوبهم، أو جاهل بهما جميعاً.
فإن جهله بالأول يوجب عدم علمه بما اشتمل عليه ذلك من أصول الدين وفروعه.
وجهله بالثاني يوجب أن يدخل في الحقائق المعقولة ما يسميه هو وأشكاله عقليات وإنما هي: جهليات، وجهله بالأمرين يوجب أن يظن من أصول الدين ما ليس منها من المسائل والوسائل الباطلة، وأن يظن عدم بيان الرسول لما ينبغي أن يعتقد في ذلك كما هو الواقع لطوائف من أصناف الناس حذاقهم فضلاً عن عامتهم ...
فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته واعتقاده والتصديق به من هذه المسائل فقد بينه الله ورسوله بياناً شافياً قاطعاً للعذر. إذ هذا من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين، وبينه للناس وهو من أعظم ما أقام الله به الحجة على عباده فيه بالرسل الذي بينوه وبلغوه ...
وإنما الغرض التنبيه على أن في القرآن والحكمة النبوية عامة أصول الدين من المسائل والدلائل: التي تستحق أن تكون أصول الدين.
وأما ما يدخله بعض الناس في هذا المسمى من الباطل فليس ذلك من أصول الدين، وإن أدخله فيه مثل المسائل والدلائل الفاسدة مثل: نفي الصفات والقدر ونحو ذلك من المسائل (¬1). ا. هـ.
¬_________
(¬1) جـ: 3 ص: 293: 303 لمجموع الفتاوى.

الصفحة 261