كتاب العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي

السر (لفظة عند العامة مرادفة للفظة الإله) ومنه تكفير الناذر إذا أراد به التقرب لغير الله وأخذ النذر كذلك، ومنها أن الذبح للجن كفر والذبيحة حرام ولو سمى الله عليهم إذا ذبحها للجن.
فهذه خمس مسائل كلها حق وأنا قائلها ونبدأ بالكلام عليها لأنها أم المسائل وقبل ذلك أذكر معنى لا إله إلا الله فنقول:
التوحيد نوعان توحيد الربوبية وهو: أن الله -سبحانه- متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم، وهذا حق لا بد منه لكن لا يدخل الرجل في الإسلام لأن أكثر الناس مفرون به قال الله -تعالى-: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ -إلى قوله- أَفَلاَ تَتَّقُونَ) [يونس: 31]. وأن الذي يدخل الرجل في الإسلام: هو توحيد الألوهية وهو: أن لا يعبد إلا الله لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً.
وذلك أن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعث وأهل الجاهلية يعبدون أشياء مع الله فمنهم من يدعوا الأصنام، ومنهم من يدعو عيسى، ومنهم من يدعو الملائكة فنهاهم عن هذا، وأخبرهم أن الله أرسله ليوحد ولا يُدعى أحد من دونه لا الملائكة ولا الأنبياء، فمن تبعه ووحد الله فهو الذي شهد: أن لا إله إلا الله، ومن عصاه ودعا عيسى والملائكة واستنصرهم، والتجأ إليهم فهو الذي: جحد أن لا إله إلا الله مع إقراره أنه لا يخلق ولا يرزق إلا الله وهذه جملة لها بسط طويل، لكن الحاصل أن هذا مجمع عليه بين العلماء (¬1). ا. هـ.
انظر إلى قوله -رحمك الله- لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى: لا إله إلا الله. وأنه يعرف من يأتيه بمعناها، وأن الذي يدخل الرجل في الإسلام هو: توحيد الألوهية وهو: أن لا يعبد إلا الله. وأن من تبع النبي، صلى الله عليه وسلم، ووحد الله فهو الذي شهد أن: لا إله إلا الله. ومن أشرك فهو الذي جحدها وأن ما سبق مجمع عليه بين العلماء.
فهذه النقول السالفة لهؤلاء الأئمة العلماء تبرهن وتوضح -بفضل الله وعونه- موقفهم من هذه القضية الحاسمة وهي أن المشرك الجاهل غير معذور بجهله وليس بمسلم على الإطلاق، وتجري عليه أحكام الكفر في الدنيا فإن كان في وقت أو زمن فترة ولم تقم عليه الحجة فلا يكفر الكفر المعذب عليه، وكذلك لا ينعم في الآخرة حتى يُختبر في العرصات.
¬_________
(¬1) المصدر السابق ص: 64.

الصفحة 287