كتاب العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي

المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، لكن عذابهم أيضاً موقوف على إقامة الحجة الرسالية وقد قامت ببعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فهذه النصوص منه -رحمه الله- وغيرها في كتبه كثيرة تبين عموم هذه الأحكام في جميع الأمم، ولا يستثنى منها أمة دون أمة، أو مكان دون مكان، أو زمان دون زمان، بل هي أحكام عامة: إن الشرك ثابت قبل الرسالة، والعذاب متوقف عليها، وأصحابه ليسوا بمسلمين لأنهم نقضوه ولم يخلصوا دينهم لله، لقوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) [البينة: 5]. ولنقضهم الميثاق والفطرة التي فطروا عليها والعقل حجة مستقلة على وحدانية الله -تعالى- وهم جميعاً قد أخذ عليهم الميثاق، وحجته عليهم كافة، وفطرهم الله -جل ثناؤه- كلهم على الإسلام والتوحيد الخالص قال تعالى: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) [الروم: 30]. ولم تستثن آية الميثاق قوماً دون قوم ولكن جاءت بألفاظ العموم والإطلاق، وكذلك لم يأت في ذكر كلام السلف الاستثناء لأحد فدلّ هذا على: عمومية هذه الأحكام ..
وأظن أنه فيما مضى الكفاية بفضل الله وعونه ورحمته في إثبات وصف الشرك وحكمه مع الجهل والتأويل وعدم قيام الحجة، وفي جاهلية جهلاء، وغياب واندراس للشرائع وطموس للسبل وخفاء شمس النبوة غير أن أهلها لا يعذبون -بفضل الله ورحمته- إلا بعد قيام الحجة وبلوغ الرسالة.
* * *

الصفحة 56