كتاب ذيل الصواعق لمحو الأباطيل والمخارق

اليونان والإفرنج وفلاسفتهم الفلكيون من أعظم الناس إيمانا بالله. والواقع شاهد ببطلان هذا القول وكذب من قاله لما عليه أطباء اليونان والإفرنج وفلاسفتهم من الكفر العظيم. وكذلك الأطباء والفلكيون من سائر أمم الكفر والضلال.
الوجه الرابع: أن يقال: لو كان علم الفلك يبعث الإيمان ويزيده ويدعو إلى تعميق جذوره في قلب الإنسان لكان الصحابة رضي الله عنهم أحرص عليه من غيرهم, فإنهم كانوا أحرص على الخير, وتحصيل العلم النافع ممن كان بعدهم. وقد كان بعضهم يسافر مسيرة الشهر وأكثر من ذلك في طلب الحديث الواحد, وكذلك التابعون وتابعوهم بإحسان وأئمة العلم والهدى من بعدهم, فإنهم كانوا يسافرون إلى الأقطار البعيدة في طلب العلوم النافعة ومع هذا لم يكونوا يشتغلون بعلم الفلك ولا ينظرون فيه. ولو كان فيه أدنى منفعة لما كان الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان يهملونه.
وأما قوله: وقديما قد قيل: إن أشد الناس إيمانا بالله هم علماء الطب وعلماء الفلك.
فجوابه أن يقال: لقد أخطأ من قال: هذا القول الباطل خطأ كبيرا وأخطأ من أورده في كتابه مقررا له {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}.
وهذا القول الباطل لا يصدر من رجل يعلم ما يقول؛ لأنه يقتضي تفضيل الأطباء والفلكيين على النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وهذا خلاف الكتاب والسنة وخلاف ما عليه المسلمون كافة. وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ

الصفحة 318