كتاب ذيل الصواعق لمحو الأباطيل والمخارق

ومن أخطائه أيضا قوله: إن القرآن لم يصرح في آية من آياته بكون الأرض ثابتة ساكنة وكون الشمس دائرة حولها.
والجواب عن هذا الخطأ قد تقدم قريبا, فليراجع.
ومن أكبر أخطائه أيضا قوله: إن الإنسان في القرون الماضية كان يفسر الرواسي والأوتاد في نطاق معرفته وحسب علمه بالأمور الكونية آنذاك.
ويحق له أن يفسرها اليوم في ضوء ما اكتشفه من الأمور الكونية.
والجواب عن هذا من وجوه: أحدها: أن يقال أن العلماء في القرون الماضية كانوا أعلم بالأمور الكونية من جهلة العصريين المفتونين بتقليد فلاسفة الإفرنج والعض على تخرصاتهم وظنونهم الكاذبة بالنواجذ.
وتفسر العلماء في القرون الماضية للرواسي والأوتاد بما يقتضي وقوف الأرض وثباتها هو التفسير الصحيح, كما تدل على ذلك لغة العرب. وهم إنما يعتمدون في تفاسيرهم على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين. ثم على ما جاء عن التابعين وأئمة العلم والهدى من بعدهم. ثم على لغة العرب التي نزل القرآن بها. وأما العصريون فكثير منهم قد جعلوا القرآن ملعبة لهم يتأولونه على غير تأويله ويحملونه على ما يوافق تخرصات الإفرنج وظنونهم الكاذبة.
الوجه الثاني: أن يقال: إن تفسير العلماء في القرون الماضية للرواسي والأوتاد بأنها وضعت على الأرض لإرسائها وتثبيتها ينافي تفسير العصريين من أتباع أهل الهيئة الجديدة وقولهم: إنها إنما وضعت على الأرض لتحفظ عليها توازنها مع دورانها على نفسها وعلى الشمس.
والذي يظهر من كلام المودودي أنه كان يذهب إلى تغليط الذين فسروا الرواسي والأوتاد بأنها وضعت على الأرض لإرسائها وتثبيتها ويرى أن الصواب في قول العصريين الذين فسروها في ضوء ما اكتشفه لهم فلاسفة الإفرنج المتأخرون من الأمور الكونية. وهذه إحدى الكبر من المودودي لما يلزم على قوله هذا

الصفحة 333