كتاب ذيل الصواعق لمحو الأباطيل والمخارق

الحجارة أو أكياس الرمل؛ لئلا يضربه الموج فيضطرب. أقول في الآية إشارة فقط وإلا فالصحيح ما قلته أولا عن الإسلام إذ ليس فيه دليل قطعي لا على حركة الأرض ولا على نفي الحركة عنها وعلى مدعي عكس هذا أن يأتي بالدليل.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها: أن يقال: إن الميد في لغة العرب يطلق على معان منها الحركة والدوران. قال القرطبي في تفسيره عند قول الله تعالى في سورة الأنبياء {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ}: أي: جبالا ثوابت {أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ} أي: لئلا تميد بهم ولا تتحرك ليتم القرار عليها. قال: والميد التحرك والدوران.
وقال الشوكاني في تفسير هذه الآية {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ}: الميد التحرك والدوران أي لئلا تتحرك وتدور بهم. انتهى.
وإذا انتفى التحرك والدوران عن الأرض, فإنه يثبت لها نقيض ذلك وهو الوقوف والسكون.
فهذه الآية وما في معناها من الآيات الكثيرة من أوضح الأدلة على ثبات الأرض واستقرارا, وقد استدل بها الراسخون في العلم على ذلك. وقد ذكرت ذلك مستوفى في أول الصواعق الشديدة, فليراجع هناك.
وليس في الآية ما يشير إلى سير الأرض بوجه من الوجوه, كما زعمه الطنطاوي.
وأما تشبيه الأرض بالزورق الفارغ وتشبيه وضع الجبال عليها بوضع الحجارة أو أكياس الرمل في الزورق, لئلا يضربه الموج فيضطرب في حال سيره, فهو تشبيه غير مطابق؛ لأن الأرض قد أرسيت بالجبال من جميع نواحيها والجبال متوجهة بثقلها نحو المركز الذي هو وسط الأرض, فصارت الجبال

الصفحة 348