كتاب ذيل الصواعق لمحو الأباطيل والمخارق

للأرض, كالأوتاد التي تمنعها من الحركة. ولهذا قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}.
قال ابن منظور في لسان العرب: وأوتاد الأرض؛ لأنها تثبتها. انتهى.
وإذا كانت الجبال أوتادا للأرض فالتشبيه المطابق هو تشبيه الأرض بالسفينة التي قد وضع فيها ما يثقلها وأودت بالأوتاد في مرساها, فوقفت فيه ولم تتحرك.
الوجه الثاني: أن الطنطاوي ذكر الآية التي فيها نفي الميد عن الأرض وتأولها على غير تأويلها حيث شبه الأرض بالزورق الفارغ إذا وضعت فيه الحجارة أو أكياس الرمل وأعراض عن الآية الصريحة في تثبيت الأرض بالجبال وجعلها أوتادا للأرض كالأوتاد التي تثبت الخيام في مواضعها والسفن في مرساها, وهي قول الله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}.
قال ابن كثير عند هذه الآية: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} أي: ممهدة للخلائق ذلولا لهم قارة ساكنة ثابتة {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي: جعلها لها أوتادا أرساها بها وثبتها وقررها حتى سكنت, ولم تضطرب بمن عليها.
وقال القرطبي على قوله {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي: لتسكن ولا تتكفأ ولا تميل بأهلها.
وقال أبو حيان في تفسيره {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي: ثبتنا الأرض بالجبال, كما ثبت البيت بالأوتاد. قال الأفوه:
والبيت لا يبتنى إلا له عمد ... ولا عماد إذا لم ترس أوتاد

وتقدم قول ابن منظور في لسان العرب. وأوتاد الأرض الجبال؛ لأنها تثبتها.

الصفحة 349