كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 22)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك به أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر، فعنى ما تحت الثياب فقد أصاب.
ومن نعت ماضحا للشمس والرياح بأنه أزهر مشرب حمرة فقد أصاب.
ولونه الذى لا يَشكُّ فيه: الأبيض الأزهر، وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح، وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ أطيب من المسك الأذفر وكان رجل الشعر حسنا ليس بالسبط ولا الجعد القطط كان إذا مَشَطه بالمشط كأنه حُبُك الرمل أو كأنه المتون التى تكون في الغدر وإذا سفتها الرياح فإذا مكث لم يرجل أخذ بعضه بعضا وتحلق حتى يكون متحلقا كالخواتم ثم كان أول مرة قد سَدَل ناصيته بين عينيه، كما تسدل نواصى الخيل، ثم جاءه جبريل عليه السلام بِالفَرْق ففرق.
كان شعره فوق حاجبه، ومنهم من قال: كان يضرب شعره منكبيه، وأكثر ذلك إذا كان إلى شحمة أذنيه.
وكان - صلى الله عليه وسلم - ربما جعله غدائر أربعا، يُخِرجُ الأذِن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها، وتخرج الأذنان ببياضهما من بين تلك الغدائر كأنها توقد الكواكب الدرية من سواد شعره، وكان أكثر شيبه في الرأس في فَوْدَىْ رأسه.
والفودان: حرفا الفرْق، وكان أكثر شيبه في لحيته فوق الذقن، وكان شيبه كأنه خيوط الفضة يتلألأ بين ظهرى سواد الشعر الذى معه، وإذا مس ذلك الشيب الصفرَةُ -وكان كثيرا ما يفعل- صار كأنه خيوط الذهب يتلألأ بين ظهرى سواد الشعر الذى معه.
وكان أحسن الناس وجها، وأنورهم لونا، لم يَصِفه واصف قط بلغتنا صفته، إلا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر. ولقد كان يقول منهم، لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقول: هو أحسن في أعيننا من القمر أزهر اللون: نير الوجه، يتلألأ تلالؤ القمر.
يعرف رضاه وغضبه في سروره بوجهه، كان إذا رضى أو سُرَّ فكأن وجهه المرآة، وكأنما الجدر تلاحك وجهه، واذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه (الملاحمة شدة الملاءمة).
قال: وكانوا يقولون: هو - صلى الله عليه وسلم - كما وصفه صاحبه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -:
(أمين مصطفى للخير يدعو ... كضوء البدر زايله الظلام).
ويقولون: كذلك كان.
وكان ابن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كثير ما ينشد قول زهير بن أبى سُلمى حين يقول لهرم بن سنان:
لو كنت من شئٍ سِوَى بشر .... كنتَ المُضئ لليلة البدر =

الصفحة 226