كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 22)

أساسُ الطاعات، والتعوُّدِ على الصدق فإنَّه من الواجبات، والتجنُّبِ من الغيبة والنميمة فإنهما من أقبح المحرَّمات، والمبادرة بالتوبة قبل حلول الوفاة (¬١)، والتطهُّرِ من قُذُورات (¬٢) القبائح قبل حصول الفوات، واللِّينِ للمخلوقين فإنَّ الخلق الحسن من أعظم الأعمال الصالحات، والتزوُّدِ من التقوى فإنها أذخَرُ الأقوات، والعمل في كلِّ وقت فإنَّ القلمَ لا يُرفَع في جميع الأوقات. وعليكم بالصلاة فإنها بعد الإيمان أفضلُ العبادات، [ل ٥٩] وإياكم والتكاسُلَ عنها فإنه سالِبُ جميع البركات. وأكثِروا من الحسنات فـ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤].
أيها الإنسان، إنما أنت في دارٍ قريبةِ الانصرام، هي السبيلُ إلى دار الخلود والمقام. دارٌ محسنُها مسيءٌ، ومُسيئُها محسنٌ، وصاحبُها دائمًا في اهتمام. لا يدوم نعيمُها، ولا يلبث مقيمُها، لأنَّها دارُ المشاحَّة والخِصام. السعيدُ من كان عنها طولَ عمره لازمًا للاعتصام، والشقيُّ المحرومُ من كان لِبَنيها من أجلها ذا تعظيم واحترام. فما أوهَى عُراها وأوهَنَها وأقربَها من الانفصام! وما أضعَفَ أعوادَها وأسرَعَ زوالها بالانقصام! لا يرغَد فيها عيش، ولا تلبث فيها راحةُ منامٍ أو لذَّةُ شرابٍ وطعام. فيا شقاوةَ من اعتنقَ الحرامَ، فَعُوجِلَ بالحِمام! ويا بؤسَى لمن حاربَ ربَّه بالأثام، ونسي قولَه: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم: ٤٧].
---------------
(¬١) هنا رسمها بالتاء المربوطة مع أن قرائنها بالمفتوحة، خلافًا لما سبق في الخطبتين (٣، ١٠).
(¬٢) جمع قُذورة، ولعله من كلام العامة. انظر "تكملة دوزي" (٨/ ٤).

الصفحة 178